07/01/2013

السبت، 16 نوفمبر 2019

الصحة مع الصوم


 

قال تعالى : (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) في هذه الاية تتضح وتتجلى المعجزة العظيمة لمحمد صلى الله عليه وسلم في تشريع الصوم. ويعتبر العلماء اليوم الصوم ظاهرة حيوية فطرية لا تستمر الحياة السوية والصحة الكاملة بدونها .

ضرورة الصوم لكل إنسان

أي إنسان أو حيوان إذا لم يصم فإنه معرض للإصابة بالأمراض المختلفة، وأن كل إنسان يحتاج إلى الصوم.

يقول ماك فادون من علماء الصحة الأمريكيين “إن كل إنسان يحتاج إلى الصوم وإن لم يكن مريضاً لأن سموم الأغذية تجتمع في الجسم فتجعلـه كالمريض فتثقلـه ويقل نشاطه فإذا صام خف وزنه وتحللت هذه السموم من جسمه وذهبت عنه حتى يصفو صفاءً تاماً و يسترد وزنه ويجدد خلاياه في مدة لا تزيد عن 20 يوماً بعد الإفطار. لكنه يحس بنشاط وقوة لا عهد لـه بهما من قبل”.

ومن أهم الفوائد الصحية للصيام:

– راحة الجسم و إصلاح أعطابه.

– امتصاص المواد المتبقية في الأمعاء والتي يؤدي طول مكثها إلى تحولـها لنفايات سامة.

– تحسين وظيفة الـهضم، والامتصاص.

– تستعيد أجهزة الإطراح والإفراغ نشاطها وقوتها وتتحسن وظيفتها في تنقية الجسم، مما يؤدي إلى ضبط الثوابت الحيوية في الدم وسوائل البدن. ولذا نرى الإجماع الطبي على ضرورة إجراء الفحوص الدموية والمفحوص صائماً. فإذا حصل أن عاملاً من هذه الثوابت في غير مستواه فإنه يدل على خلل ما.

– تحليل المواد الزائدة والترسبات المختلفة داخل الأنسجة المريضة.

– إعادة الشباب والحيوية إلى الخلايا والأنسجة المختلفة في البدن.

– تقوية الإدراك وتوقد الذهن.

– تجَميل وتنظيف الجلد، يقول الكسيس كاريل الحائز على جائزة نوبل في الطب في كتابه الإنسان ذلك المجهول “إن كثرة وجبات الطعام ووفرتها تعطل وظيفة أدت دوراً عظيماً في بقاء الأجناس الحيوانية وهي وظيفة التكيف على قلة الطعام،..إن سكر الكبد يتحرك ويتحرك معه أيضاً الدهن المخزون تحت الجلد. وتضحي جميع الأعضاء بمادتها الخاصة من أجل الإبقاء على كمال الوسط الداخلي وسلامة القلب. وإن الصوم لينظف ويبدل أنسجتنا “.

قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة:183

 المعفاة الكاملة

يقول هالبروك Holbrook  “ليس الصوم بلعبة سحرية عابرة، بل هو اليقين والضمان الوحيد من أجل صحة جيدة”.

ويقول الدكتور ليك Liek ” يوفر الجسم بفضل الصوم الجهد، والطاقة المخصصة للـهضم، ويدخرها لنشاطات أخرى، ذات أولوية وأهمية قصوى كالتئام الجروح، ومحاربة الأمراض”.

ويقول توم برنز “فعلى الرغم من إنني بدأت الصوم بهدف تخليص جسدي من الوزن الزائد إلا أنني أدركت أن الصوم نافع جدا لتوقد الذهن، فهو يساعد على الرؤية بوضوح أكبر، وكذلك على استنباط الأفكار الجديدة وتركيز المشاعر، وأشعر بانصراف ذاتي عن النزوات والعواطف السلبية كالحسد والغيرة وحب التسلط، كما تنصرف نفسي عن أمور علقت بها مثل الخوف والارتباك والشعور بالملل”.

والصيام وقاية للجسم من الحصوات والرواسب الكلسية والزوائد اللحمية والأكياس الدهنية وكذلك الأورام في بداية تكونها. كما يخفض نسبة السكر في الدم إلى أدنى معدلاتها، ويعطي غدة البنكرياس فرصة للراحة، والتي تفرز الأنسولين الذي يحول السكر إلى مواد نشوية ودهنية تخزن في الأنسجة، فإذا زاد الطعام عن كمية الأنسولين المفروزة فإن البنكرياس يصاب بالإرهاق والإعياء، ثم يعجز عن القيام بوظيفته، فيتراكم السكر في الدم وتزيد معدلاته بالتدريج حتى يظهر مرض السكر.

وقد أقيمـت دور للعلاج في شتى أنحاء العالم لعلاج مرضى السكر باتباع نظام الصيام لفترة تزيد من(عشر- عشرين) ساعة ودون أية عقاقير كيميائية، ثم يتناول المريض وجبات خفيفـة جدا، وذلك لمدة أربعة أسابيع متوالية. وقد جاء هذا الأسلوب بنتائج مبهرة في علاج مرضى السكر.

والصيام وقاية من التخمة، وأفضل طبيب تخسيس وأرخصهم على الإطلاق، والصيام وقاية من الأمراض الجلدية، حيث يقلل الصيام نسبة الماء في الدم فتقل نسبته في الجلد مما يعمل على زيادة مناعة الجلد ومقاومة الميكروبات والأمراض الجرثومية، والصيام وقاية من داء الملوك “النقرس”، والصيام وقاية من جلطة القلب والمخ، والصيام وقاية من آلام المفاصل، والصيام مشرط جراحي يزيل الخلايا التالفة.

إن الصيام هو مفتاح الصحة، ومن الأمراض التي أثبت الصوم فاعلية في علاجها: الشقيقة (الصداع النصفي)، والربو القصبي، والأمراض الالتهابية، وأمراض الغدد الصم وضعف الخصوبة، والبدانة، وداء السكري إذا لم يمض على الإصابة أكثر من 5 سنوات، حيث تصاب غدة البنكرياس بالتلف، وبالتالي لا يفيد الصوم في تنشيط الغدة وزيادة فعاليتها، وعلاج ضغط الدم، وارتفاع الكولسترول.

ويتفق الباحثون على أهمية الصوم الحيوية حيث أن تخزين المواد الضرورية في البدن من فيتامينات وحوامض أمينية يجب ألا يستمر زمناً طويلاً، فهي مواد تفقد حيويتها مع طول مدة التخزين، لذا يجب إخراجها من مخازنها واستخدامها قبل أن تفسد، إن الصيام يمنح الجهاز الـهضمي وسائر الأجهزة والغدد الراحة الفيسيولوجية التي تجعل الجسد يحصل على فرصة للتجدد، فتعود الوظائف نشطة، ويصبح الدم أصفى، وأغنى بكريات الدم الأكثر شبابًا، وهذا التجدد يظهر أولاً على سطح الجلد فتصير البشرة أنقى، وتختفي البقع والتجاعيد، أما العيون فإنها تغدو أكثر صفاءً وبريقًا.

ولقد أشارت تجارب اثنين من علماء الفيسيولجيا بجامعة شيكاغو أن الصوم لمدة أسبوعين يكفى لتجديد أنسجة إنسان في عمر الأربعين، بحيث تبدو مماثلة لأنسجة شاب في السابعة عشرة من عمره. يقول تعالى: (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) البقرة : 184

شهر واحد في العام

أكد البروفيسور نيكولايف بيلوي من موسكو في كتابه (الجوع من أجل الصحة )  ” أن على كل إنسان أن يمارس الصوم بالامتناع عن الطعام لمدة أربعة أسابيع كل سنة كي يتمتع بالصحة الكاملة طيلة حياته” قال تعلى: ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) البقرة:185

 من طلوع الفجر إلى غياب الشمس

زمن الصيام الشرعي من طلوع الفجر إلى غروب الشمس مع الاعتدال وعدم الإسراف في الطعام في وقت الإفطار وقد أثبت البحث العلمي أن الفترة المناسبة للصوم يجب أن تكون مابين 12-18 ساعة وبعدها يبدأ مخزون السكر في الجسم وفي تحليل البروتين.

وقد سجل درينيك Dreanik ومساعدوه عامـ 1964م، عدداً من المضاعفات الخطيرة من جراء الوصال في الصيام لأكثر من 31 يوماً.

وتتضح هنا المعجزة النبوية بالنهي عن الوصال في الصوم. فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :” إياكم والوصال قالوا فإنك تواصل يا رسول الله قال إنكم لستم في ذلك مثلي إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني “.

 أهمية الإفطار والسحور

فقد أثبت البحث العلمي أهمية وجبتي الإفطار والسحور في إمداد الجسم بالأحماض الدهنية والأمينية، وبدونهما يتحلل الدهن في جسم الإنسان بكميات كبيرة مما يؤدي إلى إلى تشمع الكبد وإلحاق أضرار خطيرة بجسم الإنسان. قال صلى الله عليه وسلم :(لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور).

 أمان من الأخطار الصحية

فقد أثبتت الأبحاث الطبية أن الامتناع عن الطعام فقط يعرض الإنسان على مخاطر عديدة أهمها: اختلال نسبة الأملاح والسوائل في الجسم مما يؤدي إلى الإصابة بأمراض مختلفة وقد تصل هذه الأخطار على الوفاة، ويؤدي الجماع إلى فقد 76 كيلو سعر حراري قد تلحق الأذى بالإنسان وهو صائم.

 الرخصة للمريض والمسافر

بين ألن سوري Alain Saury أن قيمة الصوم في تجديد حيوية الجسم ونشاطه ولو كان في حالة المرض، وأورد حالات عدد من المسنين، تجاوزت أعمارهم السبعين، استطاعوا بفضل الصوم استرجاع نشاطهم وحيويتهم الجسمانية والنفسانية حتى أن عدداً منهم استطاع العودة إلى مزاولة عملـه الصناعي أو الزراعي كما كان يفعل في السابق نسبياً. فالرخصة في الصوم للمريض والمسافر مرتبطة بالمشقة قال تعالى (وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) البقرة:185.

  ستة من شوال والأيام البيض

الصيام هو الوسيلة الوحيدة الفعالة لطرد السموم المتراكمة في الجسم، حيث تنظف القناة الـهضمية تمامًا من جراثيمها خلال أسبوع واحد من الصوم، وتستمر عملية التنظيف لإخراج الفضلات والسموم المتراكمة في الأنسجة عبر اللعاب، والعصارة المعدية، والعصارة الصفراء، وعصارة البنكرياس، والأمعاء، والمخاط، والبول، والعرق، وتقل كمية العصارة ودرجة حموضتها كثيرًا مع الصوم.

يقول الدكتور محمد سعيد البوطي “أن الصيام الحق يمنع تراكم المواد السمّية الضارة كحمض البول والبولة وفوسفات الأمونياك والمنغنيزا في الدم وما تؤهب إليه من تراكمات مؤذية في المفاصل, والكلى ــ الحصى البولية ــ ويقي من داء الملوك (النقرس)”.

وقد أثبت الأبحاث الطبية أن الصيام ليوم واحد يطهر الجسم من الفضلات والسموم المتراكمة لعشرة أيام(أي أن الإنسان يحتاج كل سنة لصيام 36 يوماً) و من هنا نرى الحكمة من أن توجيه النبي صلى الله عليه وسلم لنا بصيام ستة أيام من شوال حتى تكتمل عملية التنظيف يقول صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم عن أبي أيوب الأنصاري: ” من صام رمضان وأتبعه بست من شوال كان كصوم الدهر”.

كما يكشف العلم الحديث عن حكمة لصيام الأيام البيض، فقد أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أوصاني خليلي بثلاث : صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام. والمراد بالأيام البيض ( 13، 14، 15) من كل شهر عربي. وسميت بالبيض لأن لياليها بيضاء من شدة ضوء القمر عند اكتمالـه. وقد كشف العلم الحديث في الأعوام الأخيرة أن القمر يسبب في الأيام الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، زيادة التهيج العصبي والتوتر النفسي إلى درجة بالغة تصيب بعض الناس بمرض الجنون القمري.

 لماذا الإفطار على التمر؟

فلقد كان رسول اللـه صلى الله عليه وسلم يفطر على رطب فإن لم يجد فتمرات فإن لم يجد حسا حسوات من ماء، وهذا الـهدي هو خير هدي لمن صام عن الطعام والشراب ساعات طوال، فالسكر المـوجود في التمر يشعر الإنسان بالشبع لأنه يمتص بسرعة ويصل إلى الدم في دقائق معدودة، ويعطي الجسم الطاقة اللازمة لمزاولة نشاطه المعتاد.

أما لو أفطر الإنسان بأكل اللحوم والخضراوات والخبز فإن هذه المواد تأخذ وقتا طويلا كي يتم هضمها وتحويل جزء منها إلى سكر فلا يشعر الإنسان بالشبـع، ويستمر في ملء معدته فوق طاقتها توهما منه أنه مازال جائعا، ويفقد الصيام هنا خاصيته المدهشة في جلب الصحة والعافية والرشاقة.

إن هذا التشريع المحكم الذي يتضمن أسراراً لأدق الاكتشافات الطبية والذي نزل به القرآن في زمنٍ يستحيل على البشر فيه معرفتها يدل على مصدره الإلهي، كما قال تعالى: (قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً) الفرقان:6.

كما يشهد لمحمد صلى الله عليه وسلم أنه رسول من عند الله، وصدق الله القائل :(سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) فصلت:53

الثلاثاء، 22 أكتوبر 2019

دور الالتهابات في الإصابة بأمراض القلب

علاج السكري بالاعشاب خبير الأعشاب والتغذية العلاجية بالاعشاب الطبية عطار صويلح 00962779839388





دور الالتهابات في الإصابة بأمراض القلب

محتويات الموضوع
بروتين سي التفاعلي C-reactive protein
ما الذي يسبب ارتفاع مستوى بروتين سي التفاعلي؟
الهوموسيستين Homocysteine
ما الذي يؤدي إلى ارتفاع مستوى الهوموسيستين؟
تصلب الشرايين: ما الذي يحدث فعليّاً للشرايين؟
كل شيء يبدأ بالالتهاب
ما الذي يسبب الالتهاب الشديد؟ عوامل الخطورة الحقيقية للإصابة بأمراض القلب
السمنة Obesity
الأحماض الدهنية المؤكسدة والكوليسترول المتأكسد
مرض السكر Diabetes
السجائر والسموم الأخرى
التوتر
العدوى
اختلال وظائف المناعة
ارتفاع ضغط الدم
هل يكمن الحل في تناول الأسبرين؟

لعلك تعتقد أن تصلب الشرايين مجرد مرض ناتج عن تراكم الدهون على البطانة الداخلية لها، وأن الإكثار من تناول الأطعمة التي تحتوي على الدهون يؤدي إلى تراكم المزيد من الدهون داخل الشرايين، ومن ثم تتزايد احتمالات تعرّضك للأزمة القلبية. حسنًا لقد كان هذا هو الاعتقاد السائد في المجتمع الطبي سنوات عديدة، ولا تزال الأغلبية تؤمن بهذا الاعتقاد إلى يومنا هذا، ولكن هذه الرؤية تبالغ في التبسيط، فلقد بتنا الآن نعرف أن تصلب الشرايين هو عملية أشد تعقيدًا من ذلك كثيرًا.

لقد اكتشف العلماء أن الالتهابات تسهم في كل مرحلة من مراحل تصلب الشرايين بداية بتكون الطبقة الدهنية، ونهاية بتفتت اللويحة الدهنية وتسببها في تجلط الدم؛ الأمر الذي يحول دون تدفق الدم في الشريان، ما يؤدي إلى الإصابة بالأزمات القلبية. إن الالتهاب هو الطريقة التي يستجيب بها الجسم للإصابات، ونتعرف على الجزء الملتهب من الجسم باحمرار لونه، وسخونته، وتورمه، وصعوبة تحريكه بشكل صحيح، ومثال ذلك الإصبع التي اصطدمت بشيء ما، أو التواء الكاحل، وهناك أمراض تتعلق بالالتهاب، مثل التهاب المفاصل، والتهاب الكبد، والتهاب التجويف الكيسي، وغيرها الكثير. إن الالتهاب رد فعل طبيعي يقوم به جهاز المناعة تجاه العدوى أو الإصابة، ولكن مع ذلك فإن الالتهاب قد يحدث داخل أجسامنا دون أن يظهر له أي أثر، حيث لا نشعر بوجوده.

ويمكن للالتهاب أن يتسبب في إفراز مواد في مجرى الدم، تعمل على تدمير البطانة الداخلية للشرايين. وعند حدوث هذا الأمر، يمكن للكوليسترول الموجود في الدم أن يقوم بوضع غلاف واقٍ فوق الجزء المتضرر؛ حيث إن الكوليسترول له خاصية علاجية ووقائية، إذ نجد أنه موجود بوفرة في أنسجة الندبات السطحية. وعندما يتزايد الضرر الواقع على الشرايين يتراكم المزيد من الكوليسترول، ومن ثم تنمو اللويحات الدهنية، وتضيق الشرايين.

بروتين سي التفاعلي C-reactive protein
يعمل هذا البروتين على زيادة درجة الالتهاب في الجسم، وترتفع نسبته في الدورة الدموية بسبب عدد من الأمراض، وقد أظهرت دراسة حديثة أن ارتفاع مستويات بروتين سي التفاعلي في الدم يُعد أحد عوامل الخطورة الرئيسية للإصابة بأمراض القلب، ومن المحتمل أن تكون خطورته أكبر من خطورة الكوليسترول. فبروتين سي التفاعلي مؤشر مستقل بذاته، يشير إلى احتمالية الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية في المستقبل؛ ما يعني أن مستويات بروتين سي التفاعلي إذا كانت مرتفعة لديك، فإنك معرض بشدة للإصابة بأمراض القلب، حتى لو كانت مستويات الكوليسترول لديك منخفضة أو طبيعية. ويمكن لطبيبك أن يطلب منك، بسهولة، إجراء فحص للدم للتحقق من مستويات بروتين سي التفاعلي لديك.

نشرت مجلة نيو إنجلاند الطبية مقالًا جاء فيه أن الالتهاب يعد مؤشرًا أفضل من ارتفاع الكوليسترول في تحديد المعرضين للأزمة القلبية. وفي الدراسة التي تناولها المقال أُجريت فحوص للدم لنحو 28000 امرأة ممن تخطين سن اليأس، ويتمتعن بصحة جيدة، وجرى إخضاعهن للمراقبة مدة ثمانية أعوام، فكانت احتمالية الإصابة بالأزمة القلبية أو السكتة الدماغية لدى السيدات اللائي لديهن مستويات مرتفعة من بروتين سي التفاعلي تزيد ضعفين على النساء اللائي لديهن مستويات مرتفعة من الكوليسترول منخفض الكثافة أو الكوليسترول “الضار”. وفي دراسة أجريت على الرجال، ونُشرت في المجلة نفسها، تبين أن الأشخاص ذوي المستويات الأعلى من بروتين سي التفاعلي يتعرضون للأزمات القلبية بمعدل يزيد ثلاثة أضعاف ما يتعرض له من لديهم مستويات طبيعية من الكوليسترول، وكذلك هم عرضة للإصابة بالسكتات الدماغية الإقفارية التي يتعرض لها ذوو المستويات الطبيعية من الكوليسترول بمعدل الضعفين. والحقيقة المثيرة للاهتمام حقًّا هي أن تلك الإصابة كانت بمنأى عن عوامل الخطورة الأخرى، بما في ذلك مستويات الدهون في الدم والتدخين!

فالنظرية التي تؤكدها هذه الدراسة هي أن ارتفاع مستويات بروتين سي التفاعلي يعني وجود التهاب مزمن في جدران الشرايين التاجية. ويزيد هذا الالتهاب من احتمالية تراكم الدهون والخلايا المناعية على جدران الشريان في محاولة لمعالجة الضرر، وهو ما يمهد لتكوُّن لويحة دهنية، والإصابة بتصلب الشرايين. فارتفاع مستويات بروتين سي التفاعلي في الدم يشير إلى تزايد احتمالية تعرضك لأزمة قلبية، وكلما ارتفعت مستويات بروتين سي التفاعلي في الدم، قلت احتمالية النجاة من تلك الأزمة القلبية. وهناك دراسات حديثة أظهرت أن ارتفاع مستويات بروتين سي التفاعلي يزيد من فرصة انسداد الشريان بعد إجراء عملية لتوسعته.

ما الذي يسبب ارتفاع مستوى بروتين سي التفاعلي؟
إن الحالات التالية هي المسببة لارتفاع مستوى بروتين سي التفاعلي على الأرجح:

• العدوى المزمنة أو الحادة.
• أمراض المناعة الذاتية.
• أمراض الحساسية.
• السمنة المفرطة.
• مرض السكر.
• تناول الأطعمة التي تحتوي على الأحماض الدهنية المتحولة ( الزيوت النباتية المهدرجة) والزيوت الغنية بدهون أوميجا 6، مثل زيت فول الصويا، وزيت الذرة، وزيت بذرة القطن، وزيت عباد الشمس، وزيت العُصفُر.
• الأنظمة الغذائية الغنية بالسكريات والكربوهيدرات المكررة، والأطعمة التي تسبب ارتفاع نسبة السكر في الدم، مثل الخبز الأبيض، والبطاطس، والبسكويت، وحبوب الفطور.
• تدخين السجائر.
• خلو النظام الغذائي من الأطعمة التي تحتوي على مضادات الأكسدة.

الهوموسيستين Homocysteine
هو عبارة عن حمض أميني يتكون في الجسم نتيجة تفكك البروتين المستمد من الغذاء. وهو أيضًا جزيء وسيط في تركيب الحمض الأميني سيستين من حمض الميثيونين (وهو حمض أميني آخر). والدور الرئيسي للميثيونين في الجسم هو تزويده بمجموعات الميثيل من أجل القيام بعملية الأيض. وعندما يفقد الميثيونين إحدى مجموعات الميثيل، فإنه يتحول إلى هوموسيستين. ولكي يتحول الهوموسيستين إلى ميثيونين مرة أخرى، لا بد له من الحصول على إحدى مجموعات الميثيل، إما من حمض الفوليك (فيتامين ب9)، وإما فيتامين ب 6، كما أن فيتامين ب 12 ضروري كعامل مساعد لحدوث هذا التفاعل.

يمكن قياس مستويات الهوموسيستين في الدورة الدموية لدينا، وعندما يرتفع مستواه، فإنه يشير إلى وجود نقص في فيتامينات ب 6 أو ب 12، أو في حمض الفوليك في النظام الغذائي. وتوجد هذه الفيتامينات بكميات كبيرة في الفواكه والخضراوات الطازجة، بالإضافة إلى البروتين الحيواني مثل اللحوم الحمراء والبيض والسمك. والبيتاين هو أيضًا عنصر غذائي يفيد في إبقاء مستوى الهوموسيستين منخفضًا، ويوجد بكميات كبيرة في البيض. وغالبًا ما يفتقر النظام الغذائي الذي يعتمد على الأطعمة المعالجة بكثرة إلى تلك العناصر المغذية. ويُعتقد أن ارتفاع مستويات الهوموسيستين في الدم يُشكل أحد عوامل الخطورة الرئيسية للإصابة بأمراض القلب والعديد من الأمراض الأخرى.

وتُسمى البطانة الداخلية للشرايين بالبطانة الغشائية، وتُشكل خلايا البطانة الغشائية في الشريان السليم طبقة واقية متصلة، تحدد المواد التي يمكن أن تمر من الدورة الدموية إلى الجدار الداخلي للشريان. فإذا كانت خلايا البطانة الغشائية مصابة بضرر ما، أو ملتهبة، فإنها تجعل بطانة الشريان أكثر نفاذًا، ما يسمح للجزيئات بالمرور إلى جدار الشريان. ويعمل الهوموسيستين كمادة كاشطة؛ إذ يقوم بتقشير البطانة الداخلية للأوعية الدموية. وتكون بطانة الشرايين متضررة بصورة كبرى لدى الأشخاص الذين لديهم مستويات مرتفعة من الهوموسيستين، كما يكون لديهم قدر أكبر من اللويحات المسببة لتصلب الشرايين، كما يعمل ارتفاع مستويات الهوموسيستين على تنشيط الصفائح الدموية، وزيادة احتمالية تكوُّن التجلطات.

وهناك دراسة نشرتها مجلة الجمعية الطبية الأمريكية ، أظهرت أن الرجال الذين لديهم مستويات أعلى من الهوموسيستين أكثر عرضة ثلاث مرات للإصابة بالأزمة القلبية مقارنةً بغيرهم، بصرف النظر عن مستويات الكوليسترول أو الدهون الثلاثية لديهم، كما تبين أن هناك ارتباطًا قويًّا بين ارتفاع مستويات الهوموسيستين في الدم وهذه الأمراض، وهي: مرض ألزهايمر، وهشاشة العظام، والاكتئاب، والسكر، والتصلب المتعدد، والتهاب المفاصل الروماتويدي، والعيوب الخلقية.

ما الذي يؤدي إلى ارتفاع مستوى الهوموسيستين؟
• نقص حمض الفوليك أو فيتامين ب6 أو فيتامين ب12 في النظام الغذائي، أو عدم امتصاصها.

• الأسباب الوراثية. البعض لديهم عيوب وراثية تؤثر في قدرة أجسامهم على امتصاص حمض الفوليك واستخدامه. وهؤلاء الأشخاص في حاجة إلى حمض الفوليك بكميات أعلى مما يمكن توفيره في النظام الغذائي الطبيعي، ومن المناسب لهم جدًّا أن يتناولوا المكملات الغذائية.

• التوتر. إن هرموني الأدرينالين والنورأدرينالين من هرمونات التوتر، وتتطلب عملية الأيض الخاصة بهما ما يُعرف بالمَثْيَلَة. وهو ما يزيد من الحاجة إلى فيتامينات ب6 و ب12 وحمض الفوليك. فإذا كان لدينا نقص في أي منها، فسوف يرتفع مستوى الهوموسيستين لدينا.

• تناول القهوة. كلما تناولنا المزيد من القهوة، زادت احتمالية ارتفاع مستويات الهوموسيستين.

• وسائل منع الحمل التي تؤخذ عن طريق الفم؛ إذ إن موانع الحمل التي تؤخذ عن طريق الفم تستهلك ما في الجسم من فيتامين ب6 وحمض الفوليك. وربما يكون ذلك هو أحد الأسباب التي تجعل حبوب منع الحمل تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب.

• خلل وظائف الكلى.

تصلب الشرايين: ما الذي يحدث فعليّاً للشرايين؟
يزداد مرض تصلب الشرايين ببطء، حيث تتراكم المواد الدهنية، والكوليسترول، والكالسيوم، والأنواع المتعددة من الخلايا، والمواد الأخرى على البطانة الداخلية للشرايين. وتتحد هذه المواد جميعًا لتكوِّن لويحة على الشريان. إن كلمة atherosclerosis , التي تعني تصلب الشرايين باللغة الإنجليزية, مشتقة من الكلمتين اليونانيتين athero (التي تعني المعجون), و sclerosis (التي تعني التصلب). وتبدأ هذه العملية في سن الطفولة، ويمكنها أن تتفاقم عند سن 25 عامًا، ويتفاوت تأثير تصلب الشرايين فيك بناءً على الشريان المسدود بسبب الدهون.

ويمكن أن يؤدي تكوُّن الصفائح الدهنية في الشرايين التي تغذي القلب إلى الإصابة بالذبحة الصدرية أو الأزمة القلبية، كما يمكن أن يؤدي تكون اللويحات في الشرايين التي تغذي الدماغ إلى الإصابة بالسكتة الدماغية، أو الأزمة الإقفارية العابرة. وتعني الأزمة الإقفارية نقص الأكسجين بسبب نقص تدفق الدم. ولن تشعر بأية أعراض لتصلب الشرايين إلا عندما يكون ما يقارب ال40% من الوعاء الدموي مسدودًا.

يُعتقد أن تصلب الشرايين يحدث بسبب وجود تلف في البطانة الداخلية للشريان، التي تُسمى بالبطانة الغشائية، وقد ينتج ذلك التلف عن عدد من الأمور منها ارتفاع ضغط الدم، وتدخين السجائر، والهوموسيستين، والكوليسترول منخفض الكثافة، أو الكوليسترول “الضار”، والسكر، والعدوى، وغيرها من العوامل التي تزيد من الالتهاب داخل الجسم. وهذه هي عوامل الخطورة الحقيقية المسببة لأمراض القلب، وسوف نتناولها بمزيد من التفصيل في السطور التالية.

وعندما تتلف البطانة الغشائية، فمن السهل أن تترسب مواد، مثل الكوليسترول، والكالسيوم، وخلايا المناعة داخل جدار الشريان؛ ما يزيد من سمك الشريان، ومن ثم تتقلص مساحة قطره، ويتناقص تدفق الدم، فيقل إمداد الخلايا بالأكسجين بشكل كبير، ولكن الكوليسترول له دور في إصلاح التلف وعلاجه؛ إذ يكون موجودًا بكثرة في أنسجة الندبات، ومن ثم فإذا حدث تلف أو ضرر في جدار الشريان، فإن الكوليسترول الذي يتدفق في الدورة الدموية يعلق بالشريان، ومع مرور الوقت قد يُكوِّن غلافًا سميكًا أو لويحة. وفي النهاية قد تتمزق تلك اللويحة أو تتشكل فوقها جلطة دموية؛ ما يؤدي إلى وقف تدفق الدم، ويصبح الهدف حينئذ هو منع حدوث ضرر لجدار الشريان في المقام الأول، فالكوليسترول لا يلتصق بالأوعية الدموية السليمة التي لا تحتوي على تجلطات أو لويحات.

كل شيء يبدأ بالالتهاب
عندما يكون الالتهاب شديدًا داخل الجسم، فقد تكون البطانة الداخلية (البطانة الغشائية) للشريان متضررة، وهو ما يجعل خلايا البطانة الغشائية تفرز جزيئات لاصقة متنوعة تجذب خلايا الدم البيضاء، وتربطها بجدار الشريان. والخلايا البيضاء التي ترتبط بجدار الشريان، على وجه التحديد، هي الخلايا الأحادية والخلايا التائية. وتنتقل خلايا الدم هذه إلى عمق بطانة الشرايين، فتتحول الخلايا الأحادية إلى خلايا بلعمية، والخلايا البلعمية هي عبارة عن نوع من أنواع خلايا الدم البيضاء التي تشبه طريقة عملها لعبة باك مان؛ حيث تبتلع الخلايا الميتة والبكتيريا وبقايا الخلايا. وتبدأ الخلايا البلعمية هضم الكوليسترول منخفض الكثافة، وبمجرد أن تمتلئ بالدهون تتحول إلى ما يُسمى بالخلايا الرَّغوية. فجزيئات البروتينات الدهنية منخفضة الكثافة المؤكسدة هي التي تُهضم على وجه التحديد، وهي عبارة عن جزيئات قد تلفت بفعل الجذور الحرة، وقد يكون ذلك ناشئًا عن الطريقة التي تمت بها معالجة الطعام، أو بسبب نقص مضادات الأكسدة في أجسامنا التي يمكنها أن تمنع هذا التلف. ويسبب الكوليسترول منخفض الكثافة المتأكسد، أيضًا، ضررًا مباشرًا للبطانة الغشائية.

تقوم خلايا الدم البيضاء التي دخلت جدار الشريان بإنتاج مواد كيميائية التهابية، تُسمى السيتوكينات، وتعمل هذه السيتوكينات على جذب المزيد من خلايا الدم البيضاء إلى بطانة الشريان، كما تحفز نمو الخلايا العضلية الملساء في جدار الشريان. ومع تراكم الخلايا العضلية الملساء يزيد سمك جدار الشريان؛ ما يؤدي إلى ضيق قطره. وتعمل الخلايا العضلية الملساء على إفراز إنزيمات تكسِّر الكولاجين والإيلاستين في جدار الشريان, كما تُنتج الخلايا البلعمية أيضًا إنزيمات هاضمة للبروتينات تقوم بتكسير الكولاجين، وهو ما يجعل اللويحات الدهنية غير مستقرة ويجعلها أكثر عرضة للتفتت والتمزق. وعندما تتمزق تزيد احتمالية تكون الجلطة الدموية، وانسداد الشريان تمامًا. ومع ازدياد اللويحات المسببة لتصلب الشريان تصبح أكثر عرضة للتكلس أو التصلُّب؛ لأنها تعمل على تراكم الكالسيوم، وهو ما يشار إليه بتصلب الشرايين.

إن الضرر الذي يلحق بالبطانة الغشائية يعوق أيضًا إنتاج أكسيد النيتريك بواسطة الخلايا التي تبطن جدار الشريان. وأكسيد النيتريك هو خير صديق للشريان، فهو يوسع الشرايين، وله تأثير مضاد للالتهاب، ويحد من قدرة خلايا الدم البيضاء على الالتصاق بجدار الشريان، ويقاوم تكوُّن اللويحات.

ما الذي يسبب الالتهاب الشديد؟ عوامل الخطورة الحقيقية للإصابة بأمراض القلب
لقد بتنا الآن نعرف أن الالتهاب هو الذي يحفز زيادة اللويحات المسببة لتصلب الشرايين وتطورها، ثم ينتهي الأمر بتفتتها وتمزقها في النهاية، ولكن ما الذي يسبب الالتهاب في الأساس؟ سنرى في هذا الموضوع الأسباب المتنوعة لحدوث الالتهاب داخل الجسم. وهذه الأسباب هي عوامل الخطورة الحقيقية للإصابة بأمراض القلب.

السمنة Obesity
إن الخلايا الدهنية (الخلايا الشحمية) لا تحتل مكانًا في الجسم فحسب، بل تعمل على إفراز الكثير من الهرمونات والمواد الكيميائية المسببة للالتهاب، فكلما زادت الخلايا الدهنية، زادت تلك المواد الكيميائية التي يصنعها الجسم. وتقوم الخلايا الدهنية بتصنيع وإفراز جزيئات ناقلة نشطة بيولوجيًّا تسمى السيتوكينات. ويُعتقد أن هذه السيتوكينات تزيد بشدة من خطورة الإصابة بأمراض القلب؛ إذ بمقدورها أن تُحدث تهيُّجًا وتلفًا في جدران الشريان. وبعض النواقل الكيميائية التي تفرزها الخلايا الدهنية تحتوي على الليبتين، والأديبونيكتين، والبلازمينوجين، ومثبط منشط البلازمينوجين-1، والريزيستين، والإنترلوكين-6، والاديبسين، وعامل نخر الورم. وكل هذه المواد المذكورة قد تكون لها آثار مدمرة إن أُنتِجت بشكل مفرط.

إن زيادة الوزن تضرك بطريقتين؛ حيث تقوم الخلايا الدهنية بإفراز مواد كيميائية تحفز الالتهاب داخل الجسم، وتساعد المواد الكيميائية المسببة للالتهاب على تكوين المزيد من الخلايا الدهنية؛ ما يسبب زيادة الوزن بصورة أكبر. وعادة ما يوجد بروتين سي التفاعلي بنسب أعلى لدى ذوي الوزن الزائد.

والمواد الكيميائية التي تُنتجها الخلايا الدهنية لا يتوقف خطرها على زيادة الالتهاب، والمساعدة على الإصابة بتصلب الشريان فحسب، بل إنها تؤثر أيضًا في عملية الأيض الخاصة بالدهون وسكر الدم. وبعض هذه المواد تمنع عمل الإنسولين داخل الجسم، ومن ثم فإن وجود كميات كبيرة للغاية من الدهون داخل الجسم قد يسبب الإصابة بمتلازمة إكس ومرض السكر.

وقد توصل الباحثون في جامعة بافالو إلى أن هناك نوعين من خلايا الدم البيضاء وهما الخلايا الوحيدة، والخلايا اللمفية، و يشتد نشاطهما بصورة كبرى لدى المصابين بالبدانة. وهذه الخلايا تدخل جدار الشريان، وتبدأ التمهيد للإصابة بتصلب الشريان، حيث تقوم بتنشيط الخلايا الدهنية لإفراز المزيد من السيتوكينات المسببة للالتهاب، كما أنها تتداخل مع الوظيفة التي يقوم بها الإنسولين، فتسبب متلازمة إكس. ويتم إنتاج بروتين سي التفاعلي بصورة رئيسية في الكبد، فإذا كثُرت الدهون على الكبد، تُنتج خلاياها المزيد من السيتوكينات المسببة للالتهاب، ما يحفز الكبد على إنتاج المزيد من بروتين سي التفاعلي.

ويمكن للخلايا الدهنية أن تنتج مواد كيميائية تسبب انقباض الأوعية الدموية، وترفع من ضغط الدم. وتُفرز مخازن الدهون في منطقة البطن مواد مسببة للالتهاب، تذهب مباشرة نحو الكبد، وتسبب لها الالتهاب؛ ما يؤدي بدوره إلى زيادة إنزيمات الكبد، والإصابة بمرض الكبد الدهنية. وتنتقل كميات ضخمة من الأحماض الدهنية الحرة من مخازن الدهون إلى الكبد لدى الأشخاص ذوي السمنة المفرطة؛ الأمر الذي يحفز إنتاج الكوليسترول منخفض الكثافة جدًّا. وهذا هو أسوأ أنواع الكوليسترول؛ لأنه غني بالدهون الثلاثية. كما أن ارتفاع مستويات البروتينات الدهنية منخفضة الكثافة جدًّا يؤدي إلى منع إنتاج الكوليسترول عالي الكثافة “الجيد”.

ويتضح مما سبق أن فقدان الوزن يعد إحدى أفضل الطرق لتقليل الالتهاب داخل الجسم؛ ما يقلل من فرص الإصابة بأمراض القلب والسكر.

الأحماض الدهنية المؤكسدة والكوليسترول المتأكسد
يعتقد كثير من الباحثين أن الكوليسترول في حد ذاته لا يسبب أمراض القلب، ولكن ما يسبب تلك الأمراض هو الكوليسترول المتأكسد. وتتأكسد الدهون لدى تعرضها للضوء، أو الأكسجين، أو الحرارة. ومعظم الأشخاص يتناولون قدرًا كبيرًا من الدهون المتأكسدة؛ نظرًا إلى اتباعهم النظام الغذائي المعتاد الذي يحتوي على الكثير من الأطعمة المُعالجة.

وتتأكسد معظم الأحماض الدهنية غير المشبعة (يوجد معظمها في الزيوت النباتية) عندما يجري تكريرها ومعالجتها في المصانع. وعندما نتناول طعامًا مقليًّا في الزيوت التي تحتوي على تلك الدهون، سواء أكان القلي خفيفًا أو عميقًا، فإننا نتناول كمية كبيرة من المنتجات التي خضعت للأكسدة السامة التي تمثلها تلك الزيوت. فالحرارة المكثفة التي تستخدم للقلي تُكوِّن مركبات تشمل البيروكسيد، والهيدروبيروكسيد، والأوزونيد، والبوليمر، والهيدروبروكسي ألدهيد؛ وهذه المركبات الخطيرة تُحدث التهابًا وتهيُّجًا في جدران الشريان، وتُدمر أغشية الخلايا، وتُضعف الجهاز المناعي، كما أن لديها قدرة على التسبب في تهيُّج خلايا الكبد، والتسبب في الإصابة بمرض الكبد الدهنية، فمتى تناولت طعامًا مقليًّا في الزيوت النباتية، فإنك بهذا تتعاطى مركبات سامة، ستسبب ضررًا داخل جسمك بفعل الجذور الحرة. ويُستثنى من هذه القاعدة زيت الزيتون البكر الممتاز، وزيت جوز الهند البكر.

ويوجد الكوليسترول المتأكسد في عدة أطعمة, مثل اللحوم الباردة المصنعة، والأطعمة التي تحتوي على مسحوق البيض، واللبن البودرة، وصفار البيض إذا كان صفار البيض قد جرى طهوه بالقلي مثلًا. وغالبًا ما يحتوي الحليب المُجنَّس على الكوليسترول المتأكسد مقارنة بالحليب غير المُجنَّس؛ لأن الكُريَّات الدهنية تكون أصغر حجمًا، ومن ثم يكون سطحها أكبر؛ ما يجعلها أكثر عرضة للتلف بسبب الضوء والأكسجين والحرارة.

ويمكن أن تتأكسد الأحماض الدهنية والكوليسترول داخل أجسامنا أيضًا. فنحن قد نتناول دهونًا غير مكررة وطازجة، ولكن إذا كان هناك نقص في مضادات الأكسدة داخل أجسامنا، فإن هذه الزيوت قد تفسد أيضًا. فأية عوامل تزيد من كمية الجذور الحرة داخل أجسامنا تجعلنا أكثر عرضة لتأكسد الدهون. ومن هذه العوامل التوتر وعدم الحصول على قسط كافٍ من النوم، والتعرض للتلوث، والتعرض لأشعة الشمس فوق البنفسجية، وافتقار النظام الغذائي إلى الفواكه والخضراوات الطازجة.

فإذا تناولنا الكوليسترول المتأكسد، أو تم تصنيعه داخل أجسامنا، فإنه سيتحول إلى بروتينات دهنية، مثل البروتينات الدهنية عالية الكثافة، والبروتينات الدهنية منخفضة الكثافة، وغيرها. ونحن نعرف أن الكوليسترول منخفض الكثافة هو النوع “الضار” من الكوليسترول، ولكنه عندما يتأكسد يصبح أشد سوءًا. ويُعتقد أن البروتينات الدهنية منخفضة الكثافة تُلحق بجدران الشريان ضررًا أكبر كثيرًا؛ لأنها قادرة على الالتصاق بجدران الشريان بسهولة أكبر. ويساعد الليسيثين على حماية الكوليسترول من التأكسد، وهو يوجد بكثرة في البيض والأطعمة التي تحتوي على فول الصويا.

مرض السكر Diabetes
قد يكون مرض السكر هو أكبر عوامل الخطورة المسببة لأمراض القلب، فهناك ما يزيد على 50% من المصابين بمرض السكر من النوع الثاني يموتون بمرض الشريان التاجي، وعادة ما تكون الإناث بمنأى عن الإصابة بأمراض القلب والشريان إلى حد ما قبل بلوغهن سن اليأس، ولكن المصابات منهن بالنوع الثاني من مرض السكر معرضات للإصابة بأمراض القلب شأنهن في ذلك شأن الرجال. فالمصابون بمرض السكر تقل فرصتهم في النجاة من الموت بسبب الأزمة القلبية مقارنة بغيرهم.

فكل عوامل الخطورة المتعلقة بزيادة الوزن تكون أكثر حدة لدى مرضى السكر. ومعظمهم تكون لديهم زيادة في الوزن، وتُنتج مخازن الدهون الخاصة بهم كميات كبيرة من السيتوكينات المسببة للالتهاب. وتكون الشرايين لدى مرضى السكر عاجزة عن إنتاج مستويات كافية من أكسيد النتريك الذي يعمل على توسعة الأوردة الدموية، وتقليل الالتهاب، كما أن جدران الشرايين لدى مرضى السكر تنتج المزيد من الجذور الحرة التي تزيد الالتهاب سوءًا، وتساعد على عملية تأكسد الكوليسترول منخفض الكثافة. ويؤدي ارتفاع سكر الدم وارتفاع مستويات الإنسولين إلى جعل بطانة الشريان تنتج كميات أكبر من مادة قوية قابضة للأوعية الدموية، وتسمى إندوثيلين-1. وتسبب انقباضًا في الأوعية الدموية يؤدي بدوره إلى ارتفاع ضغط الدم.

والسكر ذو طبيعة غروية، وعندما يزيد في الدورة الدموية، يلصق نفسه بالبروتينات ليكوِّن المنتجات المتقدمة النهائية لعملية اتحاد السكريات بالبروتينات. وترتبط تلك النواتج النهائية بالبطانة الداخلية للشرايين، وتحفزها على إنتاج المواد الكيميائية المسببة للالتهاب؛ ما يُتلف جدران الشريان، ويساعد على ظهور تصلب الشرايين، كما تعزز النواتج المذكورة تكوُّن الجذور الحرة بالجسم. أضف إلى ذلك أن أجسام مرضى السكر تُنتج المزيد من المواد الكيميائية التي تحفز التجلطات الدموية. وتزيد احتمالية تمزق اللويحات الموجودة في الشرايين، والمسببة لتصلبها؛ ما يؤدي إلى جلطة دموية وانسداد تام في الشريان بالنسبة إلى مرضى السكر.

السجائر والسموم الأخرى
تحتوي السجائر على آلاف المواد الكيميائية السامة، وكثير منها لديها القدرة على إلحاق ضرر مباشر ببطانة الشرايين، وذلك من خلال تأثيرها المسبب للتهيُّج؛ وهذا ما يزيد من فرصة تراكم الدهون والكالسيوم وغيرهما من الفضلات في الشرايين.

إننا نُخلف الكثير من المواد السامة داخل أجسامنا. والقولون المليء بالسموم سيملأ الجسم بالسموم. فإذا زاد عدد البكتيريا الضارة على عدد البكتيريا النافعة في الأمعاء (وتعرف هذه الحالة بمرض دسباقتريوز، وهو داء ناتج عن عدم التوازن البكتيري في الأمعاء)، فإن تلك البكتيريا الضارة ستنتج أحد السموم الداخلية (أي السموم التي تتكون داخل الجسم) يسمى عديد السكاريد الدهني، وهو أحد أكثر المواد المسببة للالتهاب في الجسم، وعندها يستخدم الجسم الكوليسترول عالي الكثافة، أو الكوليسترول “الجيد”، للارتباط بالسموم الداخلية وتحييدها، ومن ثم، فإن كثرة تلك السموم سوف تؤدي إلى استهلاك الكوليسترول عالي الكثافة؛ ما يقلل من مستويات الكوليسترول المفيد الذي يحمينا.

إننا نتعرض في بيئتنا إلى الكثير من المواد السامة، مثل: البلاستيك والتلوث، والمعادن الثقيلة، والمبيدات بأنواعها. وإذا لم تقم الكبد بتنقية هذه المواد من السموم بشكل جيد، فسوف تصاب الأنسجة، ويصاب مجرى الدم بقدر كبير من تلك السموم. وهذه السموم جميعها تولد جذورًا حرة في الجسم، وتستهلك مضادات الأكسدة المفيدة، وتساعد على إحداث الالتهاب الجهازي، فإذا كنت تشعر بأنك تعاني زيادة السموم، فعليك أن تتبع حمية القضاء على السموم التي تستغرق أسبوعين.

التوتر
عندما يصيبنا التوتر تفرز الغدة الكظرية هرمون الأدرينالين، وهو هرمون يساعد على إنتاج مادتي إنترلوكين-6, وإنترلوكين-10، وهما من المواد الكيميائية المسببة للالتهاب، كما أن الأدرينالين يستنزف فيتامين ب6 و ب12 وحمض الفوليك الموجود في الجسم، ومن ثم يزيد من إمكانية ارتفاع مستويات الهوموسيستين، ويؤدي ارتفاع مستويات الهوموسيستين إلى حدوث تهيُّج في جدران الشريان، ويساعد على الإصابة بتصلب الشرايين.

وعندما نصاب بالتوتر، تقوم الغدة الكظرية أيضًا بإفراز هرمون الكورتيزول، ولكنه ينخفض مرة أخرى عند زوال التوتر، غير أن هناك الكثيرين منا يعيشون في توتر مستمر؛ ما يعني بقاء مستويات الكورتيزول مرتفعة لديهم. ويتداخل الكورتيزول مع عمل الإنسولين، وقد يؤدي أحيانًا إلى ظهور متلازمة إكس، وارتفاع ضغط الدم. وزيادة مستويات الكورتيزول على الحد المطلوب، تؤدي إلى زيادة الوزن في منطقة البطن. وزيادة سِمنة البطن تشكل أحد عوامل الخطورة الرئيسية للإصابة بالسكر وأمراض القلب.

وعندما يطول أمد التوتر، فإنه غالبًا ما يؤدي بنا إلى حالة من الاكتئاب. ويُعتقد أن الكورتيزول هو حلقة الوصل بين الاكتئاب وأمراض القلب. وهناك دراسة حديثة أُجريت على ما يزيد على 2800 من الرجال والسيدات الذين تخطوا 55 عامًا من العمر. وقد أظهرت الدراسة أن القدر اليسير من الاكتئاب يزيد من خطر الإصابة بالأزمة القلبية بنسبة 60%، وأن الاكتئاب الشديد يزيد خطر الإصابة بأزمة قلبية مميتة إلى ثلاثة أضعاف، ويولد التوتر الكثير من الجذور الحرة في الجسم، ويجعلنا نستنزف الفيتامينات والمعادن بمعدل متسارع.

العدوى
تزيد العدوى من مقدار الالتهاب في الجسم بسبب السموم التي تنتجها الفيروسات والبكتيريا، وبسبب المواد الكيميائية التي تنتجها الخلايا المناعية استجابة للعدوى. والأشخاص الذين يعانون وجود عدوى عادةً ما تكون لديهم مستويات مرتفعة من بروتين سي التفاعلي، الذي يعد أحد عوامل الخطورة الرئيسية للإصابة بالأزمة القلبية. وهناك دراسة نشرتها مجلة نيو إنجلاند الطبية ، قامت بتحليل السجلات الطبية ل40000 حالة، وتبين أن بعض حالات العدوى في الجهاز التنفسي، والمسالك البولية، قد تحفّز الإصابة بأزمة قلبية أو سكتة دماغية. وكان التهاب المثانة، والالتهاب الرئوي، هما الحالتين اللتين تناولتهما الدراسة، حيث تبين أن المرضى كانوا أكثر عرضة للإصابة بالأزمة القلبية أو السكتة الدماغية خلال الأيام الثلاثة التي أعقبت إصابتهم بعدوى في الجهاز التنفسي.

فإذا كان لديك ارتفاع في مستوى بروتين سي التفاعلي، دون أن تعرف سببه، فهناك احتمال كبير بأن يكون لديك التهاب خفي في جسمك. ويمكن للبكتيريا والفيروسات وغيرهما من أشكال العدوى أن تنتج سمومًا تؤدي إلى إحداث تهيُّج جدران الشرايين وإصابته، وهذا بدوره يمهد للإصابة بتصلب الشرايين. ولقد مكَّنت تقنيات التصوير المتنوعة الأطباء من اكتشاف الكائنات الحية الدقيقة الموجودة في اللويحات الدهنية المترسبة على الشرايين. وتوجد السيتوكينات والسموم البكتيرية، وغيرهما من المواد الكيميائية التي تفرزها خلايا الدم البيضاء في أثناء وجود العدوى لدى المرضى الذين أُصيبوا مؤخرًا بأزمة قلبية، أو بسكتة دماغية.

إن الكائنات الدقيقة التي قد يكون بمقدورها أن تساعد على الإصابة بأمراض القلب, تشمل بكتيريا الملوية البوابية (جرثومة المعدة)، وهي بكتيريا مرتبطة بقرحة المعدة، وبكتيريا المتدثّرة الرئوية التي يمكنها أن تسبب الالتهاب الرئوي والتهاب الشُّعب الهوائية, وفيروس الهربس البسيط من النوع الأول، والأنواع المتعددة من البكتيريا التي قد تسبب أمراض اللثة، والفيروس المُضخِّم للخلايا، وهو عبارة عن عدوى فيروسية معروفة لا تظهر لها أية أعراض في العادة.

ومن المهم أن يكون جهازك المناعي قويًّا؛ لأنه هو الذي سيحميك من العدوى. والعدوى الأكثر ضررًا هي العدوى المزمنة التي تستمر فترة طويلة.

اختلال وظائف المناعة
إن أمراض الحساسية والمناعة الذاتية تترك جهازك المناعي في حالة من التحفز الشديد. والاحمرار والتورم، والإفرازات، والحكة، والألم تعد أعراضًا تقليدية لهذه الحالات، وتشير إلى وجود قدر كبير من الالتهاب داخل الجسم؛ لذا من المهم لك أن تعمل على تقوية جهازك المناعي؛ لأن الالتهاب المزمن يعيش على ضعف المناعة، ويولِّد كمية ضخمة من الجذور الحرة. وسيكون جسمك في حالة من الإجهاد الدائم إذا كان منهمكًا دائمًا في محاربة الحساسية، أو أمراض المناعة الذاتية؛ فالمواد الكيميائية التي تُفرز داخل الدورة الدموية لدى من يعانون الحساسية، أو أمراض المناعة الذاتية، تتضمن السيتوكينات، والبروستاجلاندين، والليوكوترين، والثرومبوكسان؛ وهي مواد تساعد على حدوث الالتهاب في جدران الشريان، وتزيد من احتمالية تكوُّن الجلطات الدموية.

إن كنت تعاني أحد أمراض الحساسية، مثل الإكزيما، أو حمى القش، أو التهاب الجيوب الأنفية، أو أحد أمراض المناعة الذاتية، مثل التهاب المفاصل الروماتويدي، أو التهاب الغدة الدرقية المزمن، أو مرض الذئبة الجلدي، فقد تكون أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب مقارنةً بمن لا يعانون أيًّا من هذه الحالات المرضية آنفة الذكر. وقد أظهرت دراسات عديدة أن من يعانون داء الذئبة أو التهاب المفاصل الروماتويدي معرضون بصورة كبرى لخطر الإصابة بأمراض القلب. ومن يعانون مرض الذئبة الحمراء أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بالأزمة القلبية بنسبة تتراوح بين 7 و50 مرة. وهذا الخطر المتزايد مستقل عن عوامل الخطورة التقليدية، مثل ارتفاع الكوليسترول والتدخين.

ارتفاع ضغط الدم
يعد هذا أحد عوامل الخطورة المعروفة، والقديمة، التي تسبب الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية؛ لأن ضغط الدم يسبب إجهادًا أكبر للشرايين، ويعمل على إضعافها. ومع ذلك، فقد بتنا الآن نعرف أن الارتفاع المفرط لضغط الدم يساعد على حدوث الالتهاب في الجسم. والأنجيوتنسين 2 يعد أحد أنواع البروتينات التي يصنعها الجسم، وترفع ضغط الدم من خلال إحداث انقباض في الأوعية الدموية، بالإضافة إلى احتباس الصوديوم في الكليتين. والعديد من أدوية ضغط الدم الشائعة تعمل من خلال تثبيط الإنزيم الذي يعمل على تحويل الأنجيوتنسين، وهو الإنزيم المسئول عن إنتاج الأنجيوتنسين 2. وقد اكتُشف مؤخرًا أن الأنجيوتنسين 2 قادر أيضًا على التسبب في التهاب البطانة الداخلية للشرايين (البطانة الغشائية). كما يعمل على إنتاج الجذور الحرة من خلال الخلايا التي تغطي الشرايين، ويجعل كذلك تلك الخلايا تفرز جزيئات غروية؛ ما يزيد من احتمالية إنتاج الكوليسترول منخفض الكثافة، وغيره من المواد، من أجل الارتباط بالجزيئات الغروية.

كما أننا نعرف أن ارتفاع مستويات بروتين سي التفاعلي في الدم يزيد من احتمالية ارتفاع ضغط الدم؛ لأن بروتين سي التفاعلي يقلل من إنتاج الخلية البطانية لأكسيد النتريك (وهي الخلايا التي تبطن جدران الشريان). ويعمل أكسيد النتريك على توسيع الأوعية الدموية، وتقليل الالتهابات الموجودة فيها.

هل يكمن الحل في تناول الأسبرين؟
إن الأسبرين عقار لا ستيرويدي مضاد للالتهاب، ويقع في فئة يطلق عليها الساليسيلات، ويعمل من خلال تثبيط إفراز المواد الكيميائية المسببة للألم والالتهاب في الجسم. وغالبًا ما يُستخدم الأسبرين بجرعات صغيرة لمنع الأزمات القلبية والسكتات الدماغية لدى الأشخاص المعرضين لها بشدة، بالإضافة إلى استخدامها في الحالات الحادة، مثل الصداع، أو الحمى، أو آلام الدورة الشهرية. وللأسبرين تأثير في تليين قوام الدم، وبهذه الطريقة قد يقلل من فرصة تكوُّن جلطة دموية تؤدي إلى انسداد الوعاء الدموي، والتسبب في أزمة قلبية أو سكتة دماغية. ولهذا السبب يُؤخذ الأسبرين بجرعة أصغر، عادةً ما تكون في حدود 100 ملليجرام. وأشهر العلامات التجارية له آستريكس وكارتيا وكارديبرين.

ولكن مع ذلك، للأسبرين آثار جانبية محتملة، وهناك شكوك بشأن ما إن كان يُقلل بالفعل من خطر الإصابة بالأزمات القلبية والسكتات الدماغية أم لا. ومن الآثار الجانبية المحتملة للأسبرين اضطرابات المعدة، وتقلصات البطن، والطفح الجلدي، وحساسية الجلد، كما يساعد على الإصابة بمتلازمة تسرب الأمعاء؛ ما يزيد من احتمالية ظهور حساسية للطعام. ويعد نزيف الجهاز الهضمي أحد الأعراض الجانبية الخطيرة المحتملة للأسبرين. ويقول الدكتور “جون ريكليس”، رئيس مجلس إدارة جمعية القلب في المملكة المتحدة: “إذا جعلنا المرضى العاديين من كبار السن يستخدمون الأسبرين مدة عام واحد، فسيكون هناك من بين كل 262 مريضًا، مريض واحد مصاب بنزيف شديد في الجهاز الهضمي في تلك السنة”. ويعد اسوداد لون البراز، أو وجود دم به، أحد أعراض نزيف الجهاز الهضمي، فإذا ظهر لديك هذا العَرَض، يصبح من الضروري لك أن تزور طبيبك في أسرع وقت ممكن.

وأفادت الدراسة الخاصة بصحة النساء، التي استمرت عشر سنوات، بأن تناول جرعات صغيرة ومنتظمة من الأسبرين لا تقي من الإصابة بالأزمة القلبية الأولى لدى النساء اللائي تقل أعمارهن عن 65 عامًا؛ حيث إن المجموعة التي تناولت 100 ملليجرام من الأسبرين كل يومين، لم تكن أقل عرضة للإصابة بالأزمة القلبية من المجموعة التي تعاطت دواءً وهميًّا. وقد كانت هناك نحو 20000 مشاركة في كل مجموعة. وكانت الدراسات التي كشفت عن أن الأسبرين يقلل من خطر الإصابة بالأزمات القلبية والسكتات الدماغية، قد أُجريت على الرجال دون النساء. أما النساء اللائي شاركن في هذه الدراسة، وتناولن الأسبرين، فقد زادت لديهن احتمالية الإصابة بنزيف الجهاز الهضمي بنسبة 40%، كما أنهن قد عانين بالفعل نزيفًا طفيفًا، وبعض الكدمات. ومن المثير للاهتمام أن عدد حالات الإصابة بالسكتة الدماغية النزفية كانت أعلى لدى من تناولن الأسبرين. وهذه السكتة تحدث نتيجة النزيف، وليس نتيجة الانسداد الناتج عن تجلط الدم. وهذا أمر منطقي؛ لأن الأسبرين يقلل من قدرة الدم على التجلط، ومن ثم فالسيدات اللاتي لا يواجهن خطرًا كبيرًا بالإصابة بأمراض القلب لا يُنصحن بتناول الأسبرين كوسيلة وقائية.

وهناك دراسة شائقة تدعى The warfarin/aspirin study in heart failure نشرتها مجلة جمعية القلب الأمريكية، وقد توصلت إلى أن المرضى المصابين بفشل القلب الاحتقاني يواجهون خطرًا متزايدًا بالإصابة بالأزمة القلبية أو السكتة الدماغية. وقد شملت هذه الدراسة 279 مريضًا مصابين بفشل في القلب، ويتطلب علاجهم مُدرات البول. وقد جرى تقسيم المرضى إلى ثلاث مجموعات، مجموعة للعلاج بالأسبرين، ومجموعة للعلاج بالوافارين، ومجموعة لا تتناول علاجًا يزيد من سيولة الدم. وقد أظهرت نتائج الدراسة عدم وجود أية فوائد صحية للأسبرين أو الوافارين لدى المرضى الذين تناولوهما. ولم يكن هناك فارق في معدل الوفيات أو الأزمات القلبية والسكتات الدماغية غير المميتة، بل كان هناك عدد أكبر من المرضى الذين تناولوا الأسبرين وأُدخلوا المستشفى؛ نظرًا إلى تدهور حالة فشل القلب لديهم. وقد انتهت الدراسة إلى أن ” علاج مرضى فشل القلب بموانع تخثر الدم لا يقوم على دليل يُعضّده، ولكنها تستخدم كأدوية مساعدة إلى جانب أدوية أخرى “. ويعني ذلك عدم ثبوت أية فوائد لتناول الأدوية المسيلة للدم لدى من يعانون فشل القلب، بل إنها تزيد من خطورة الآثار الجانبية التي تسبب تفاعلات ضارة للأدوية.

إن تناول الأسبرين بصفة يومية قد يقلل من خطر الإصابة بالأزمات القلبية والسكتات الدماغية لدى البعض، ولكنَّ هناك طرقًا أخرى أكثر صحة وأمانًا لترقيق قوام الدم، ومنعه من التجلط؛ فدهون أوميجا 3 التي توجد في زيت السمك، وزيت بذرة الكتان، وثمرة الجوز لها تأثير قوي في ترقيق قوام الدم ومنعه من التجلط.

وجميع مضادات الأكسدة تساعد على ترقيق قوام الدم، ويمكنك أن تحصل عليها من الخضراوات النيئة، والعصائر، والثوم، وتناول مكملات فيتامين ه بصفة منتظمة. وإذا كنت تتعاطى دواءً لسيولة الدم، فلا تتناول فيتامين هـ، أو الثوم، أو الجنكة دون استشارة الطبيب.
















الأحد، 20 أكتوبر 2019

الصيام ينبوع الشباب..




الصيام ينبوع الشباب..
 أجانب جرّبوا الصيام المتقطع ففاجأتهم النتائج
  

اعتمد كيث تايلور وزوجته أسلوبَ حياةٍ يتضمَّن الصيام على أساس منتظم خلال السنة والنصف الماضية، وهو ما فاجأهم بنتائج وفوائد غير متوقعة.

وقال تايلور في رسالة بالبريد الإلكتروني لشبكة CNN الأميركية: «نحن لا نأكل حتى حوالي الساعة الخامسة مساءً على مدار 6 أيام في الأسبوع، لكنَّنا نأكل بقدر ما نريد وكما نشاء من الساعة الخامسة مساءً حتى موعد النوم. إنَّها ليست حميةً غذائية بالمعنى التقليدي، إذ لا نُقيِّد أنفسنا بنوعية أو كمية مُحدَّدة من الطعام، لكن في المقابل نتقيَّد فقط بالوقت الذي نأكل فيه».

منذ بدأ تايلور وزوجته يصومان بشكلٍ مُتقطِّع، وهو ما يُسمَّى في أحيانٍ كثيرة بالصيام المُتقطِّع، تمكَّنوا من الحفاظ على وزنٍ صحي وأصبحوا أنشط وأكثر يقظة، وانخفض لديهما شعور الإرهاق والضغط العصبي وأصبحا أقل عرضةً للإصابة بالمرض.

وبينما يُقرُّ تايلور ما إذا كان سيعيش لفترةٍ أطول نتيجة للنمط الغذائي الذي يتَّبعه هو «سؤال جيد»، لكنَّه يشعر بالتفاؤل.

قال تايلور: «أشعر بالفعل وكأنني أصغر سناً». وأضاف: «إذا كنت أبدي مؤشرات موضوعية على كوني أكثر شباباً -أقوى وأكثر إيجابية- عندها أعتقد أنَّ من المنطقي الافتراض بأنني قمت بالفعل بإطالة أمد حياتي عن طريق الانتقال إلى نظام الصيام المُتقطِّع».

فوائد الصيام.. صحة أفضل وحياة أطول
كشف بحثٌ أُجرِيَ على الحيوانات أنَّ الصيام المُتقطِّع يمكن أن يُقلِّل من خطر الإصابة بالسمنة والأمراض المرتبطة بها، بما في ذلك مرض الكبد الدهني غير الكحولي والسكري والسرطان.

ووفقاً لمارك ماتسون، رئيس مختبر العلوم العصبية في المعهد الوطني للشيخوخة، كشف البحث الذي أُجرِيَ في الثمانينيات أنَّ عمر الفئران يزداد بشكلٍ كبير عندما يصومون مرةً كل يومين، مقارنةً بالفئران المتوافر لديها طعام في جميع الأوقات.

ووجدت دراسةٌ حديثة نُشِرَت هذا الشهر أكتوبر/تشرين الأول أنَّ الفئران الصائمة، سواء بسبب إطعامها كل احتياجاتها من السعرات الحرارية مرة واحدة فقط في اليوم أو بسبب تقييد سعراتها الحرارية، الأمر الذي جعلها بطبيعة الحال تأكل كلَّ طعامها المُحدَّد في آنٍ واحد، كانت أكثر صحة وعاشت فترةٍ أطول مقارنةً بالفئران التي توافرت لديها إمكانية الحصول المستمر على الطعام.

لا تهم كمية الطعام طالما تلتزم بالتوقيت / Getty images
ووفقاً للخبراء، فإنَّ محاولة اكتشاف ما إذا كان الصيام ببساطة هو أحد أشكال تقييد السعرات الحرارية تُعد مسألةً مُعقَّدة للغاية. قال رافائيل ديكابو، العالِم في المعهد الوطني للشيخوخة والمؤلف الرئيسي للدراسة: «في غياب نظام تقييد السعرات الحرارية، وبعيداً عن اتباع حمية غذائية، أظهرت الفئران الصائمة نتائج أفضل من غير الصائمة».

لكن هل الفوائد الصحية للصيام، بما في ذلك إمكانية العيش حياة أطول، تنطبق على البشر؟

حمية محاكاة الصيام عند البشر
كشفت الأبحاث حتى الآن عن نتائج واعدة. قسَّمت إحدى الدراسات، التي نُشِرَت في العام الماضي، 100 شخص، جميعهم خالين من الأمراض، إلى مجموعتين. وكان المشاركون أمام اتباع أحد خيارين على مدار ثلاثة أشهر، فإما تناول ما يشاؤون من طعام وإما استهلاك ما بين 800 و1100 سعر حراري لمدة 5 أيام فقط من كل شهر، وهو نمطٌ يشير إليه الباحثون باسم «حمية محاكاة الصيام».

في نهاية مدة الدراسة، رأى المشاركون المُتَّبعون لحمية محاكاة الصيام الذين كانوا مُعرَّضين لخطر الإصابة بأمراض أنَّ مستوى سكر الدم (الجلوكوز) خلال الصيام، وهو المؤشر الذي يقيس خطر الإصابة بالسكري، يعود إلى معدلاته الطبيعية.

انخفضت كذلك مؤشراتٌ على احتمالية الإصابة بأمراض القلب، جنباً إلى جنب مع مستوياتٍ عالية من الكولسترول والدهون الثلاثية، علاوة على انخفاض مستويات هرمون عامل النمو الشبيه بهرمون الأنسولين (1GF1) لمختلف أنواع السرطانات.

بالإضافة إلى ذلك، خسر المشاركون دهون البطن، بينما حافظوا على كتلة عضلات نحيلة وتمثيل غذائي جيد، تلك الدهون التي غالباً ما يُضحَّى بها عند اتباع حمية غذائية منخفضة السعرات الحرارية.

الحياة الأطول أمر طبيعي مع قلة الأمراض
ويوضح فالتر لونغو، الذي شارك في تأليف تلك الدراسة السريرية، أنَّ من المستحيل تقريباً تصميم تجربة بشرية على إطالة العمر، إذ ستتكلَّف 100 مليون دولار أو أكثر. وقال لونغو: «لكن إذا نظرت إلى البيانات الواردة من تجربتنا.. سيكون من الصعب إدراك كيف لن يعيشوا فترة حياة أطول».

قال ماتسون: «أنت تفكر في الأمراض عندما تفكر في مدى العمر -أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان والسكري- كأسباب رئيسية للوفاة». وأوضح ماتسون أنَّه إذا كانت لديك تحسينات في عوامل خطر الإصابة بالمرض، فإن هذا الأمر «في المتوسط» يعزَّز مدى العمر.

ويقول فالتر لونغو، الذي يدير أيضاً معهد إطالة العمر في كلية ليونارد ديفيس لعلم الشيخوخة بجامعة جنوب كاليفورنيا، إنَّ الصيام الدوري يُوفِّر «بديلاً مُحتَمَلاً لتناول كثير من العقاقير».

أنت تحتاج إلى 5 أيام في الأسبوع فقط
وأضاف أنَّه «ليس من الضروري إدخال تغييرات رئيسية على حميتك الغذائية، يمكنك القيام بذلك لمدة 5 أيام فقط ثم تعود إلى ما كنت ستفعله بشكل طبيعي».

وكشف البحث وراء الحمية الغذائية الشهيرة بـ 5:2 -وهي نوعٌ من الصيام المُتقطِّع يأكل فيه الشخص ما يريد لمدة 5 أيام في الأسبوع، ثم يُقيِّد نظامه الغذائي إلى 500 سعر حراري لمدة يومين متتاليين- عن فوائد صحية أيضاً.

وقال ماتسون: «نشرنا دراستين مع الدكتورة ميشيل هارفي بجامعة مانشستر، إذ تضمَّنَت كلَّ دراسةٍ منهما 100 امرأة تعاني من زيادة في الوزن، وكان تصميم الدراستين واحداً».

وأضاف: «قمنا بتقسيمهم إلى مجموعتين؛ اتبعت المجموعة الأولى الحمية الغذائية 5:2، بينما تناولت المجموعة الأخرى ثلاث وجبات في اليوم، لكنَّنا قلَّلنا كمية السعرات الحرارية بنسبة 20% إلى 25% أقل مما يأكلون عادةً بحيث تتساوى كمية السعرات الحرارية الأسبوعية لكلتا المجموعتين».

فقدت المجموعتان نفس كمية وزن الجسم على مدى فترة 6 أشهر، لكن هذه هي النقطة التي انتهت عندها أوجه التشابه. قال ماتسون: «شهدنا آثاراً صحية مفيدة على مجموعة النساء اللاتي اتَّبعن الحمية الغذائية 5:2، إذ كانت أفضل كثيراً من حيث تنظيم مستوى سكر الدم (عامل خطر الاصابة بمرض السكري) وفقدان دهون البطن (أحد عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية) مقارنةً بالنساء اللاتي تناولن وجبات منتظمة مع تقييد السعرات الحرارية».

فقدان الوزن الزائد من بين الفوائد العديدة / Getty images
فقدان الوزن الزائد من بين الفوائد العديدة / Getty images
الصيام المحدد بزمن مفيد
وأظهر شكلٌ آخر من أشكال الصيام، المعروف بالتغذية المُقيَّدة بزمنٍ مُحدَّد، حيث يجري استهلاك الوجبات خلال عددٍ محدودٍ من الساعات كل يوم -مثلما يفعل تايلور وزوجته- آثاراً مفيدة على الوزن والصحة في الحيوانات، لكن خلصت مقالة مراجعة نُشِرَت عام 2015 إلى أنَّ البيانات من الدراسات التي أُجرِيَت على البشر على هذا النوع من نمط التغذية محدودة.

كشفت دراسة أُجرِيَت في شهر يونيو/حزيران عن فوائد صحية لنمط التغذية المُقيَّدة بزمنٍ مُحدَّد في حالة عدم وجود فقدان للوزن بين الرجال في مرحلة ما قبل السكري. ومع ذلك، شملت الدراسة 8 مشاركين فقط.

ويعترف الباحثون القائمون على الدراسة بأنَّ «تلك النتائج يجب أن تتكرَّر في تجربةٍ أكبر تضم النساء أيضاً».

الصيام لعلاج الأمراض
تجري حالياً تجارب سريرية لنظام الصيام المُتقطِّع على مرضى يعانون من أمراض مختلفة مثل التصلُّب المُتعدِّد أو السرطان لتحديد ما إذا كان الصيام يمكن أن يوقف تقدُّم مثل هذه الأمراض.

أوضح ماتسون أنَّه «إذا أصبت الخلايا السرطانية بالعلاج الكيميائي أو الإشعاعي عندما يكون الفرد في حالة صيام، قد تكون الخلايا السرطانية أكثر عرضةً للقتل لأنَّها تتغذَّى على سكر الدم ولا تستطيع استخدام أحماض الكيتونات (وهي مصدر الوقود بالنسبة لجسم الانسان أثناء الصيام)».

ويدرس الباحثون في الوقت الحالي مدى تأثير الصيام على الأداء المعرفي ومخاطر الإصابة بمرض الزهايمر لدى النساء البدينات.

كيف يمكن أن يساعدك الصيام على العيش لفترة أطول
وفقاً للخبراء، فإن أحد الجوانب الحاسمة للصيام -الذي يختلف عن مجرد تقييد السعرات الحرارية- هو أنَّ الجسم يخضع لتحوُّل أيضي من استخدام سكر الدم إلى استخدام الكيتونات كوقودٍ للجسم نتيجة لخفض مخزون طاقة الكبد وحرق الدهون (هذا التحوُّل يحدث أيضاً خلال ممارسة التمرينات الرياضية).

وقال ماتسون: «إذا لم تكن نسبة الكيتونات مرتفعة، فإنك لا ترى التأثيرات المفيدة». الأكثر من ذلك يتمثَّل في أنَّ هذه التغييرات الأيضية التي تحدث أثناء «دورة» مُتكرِّرة من الصيام وتناول الطعام قد تساعد على تحسين وظائف المخ وتعزيز مقاومته للإجهاد والمرض، وكلاهما له تداعيات إيجابية بالنسبة للشيخوخة.

ووفقاً للونغو، يشير وجود الكيتونات في الدم إلى أنَّ الجسم، على المستوى الخلوي، يعيد تجديد نفسه، ما يحمي من الشيخوخة والمرض.

صحة أفضل وحياة أطول / Getty images
صحة أفضل وحياة أطول / Getty images
تجديد الخلايا أبرز فوائد الصيام
يقول لونغو: «نشرنا العديد من الأوراق البحثية والشيء الرئيسي الذي نتحدَّث عنه هو تجديدٌ مُتعدِّد الأنظمة». على سبيل المثال، يبدو أنَّ الصيام يخفض مستوى خلايا الدم البيضاء التالفة لكن عند إعادة إمداد الجسم بالطعام، تعمل الخلايا الجذعية ويقوم الجسم بإعادة بناء وتجديد خلايا جديدة سليمة. لذلك، كما يوضح لونغو: «يمكنك التخلُّص من الخلايا الفاسدة غير المرغوب فيها أثناء فترة تجويع جسدك وبمجرد حصولك على الطعام، تستطيع إعادة البناء مُجدَّداً».

وأضاف لونغو: «تحلُّ خلايا جديدة وفعَّالة محلَّ الخلايا التالفة، والآن يبدأ نظام الجسم في العمل بشكل صحيح. ويؤثر هذا الأمر في نهاية المطاف بشكل إيجابي على تقليل خطر الإصابة بالأمراض، إذ تنخفض عوامل خطر الإصابة بالمرض عندما تكون الأنسجة صحية وتعمل بشكلٍ جيد».

عوامل ينبغي مراعاتها في الصيام
إحدى النقاط التي يجب أخذها في الاعتبار هي أنَّ البحث في آثار الصيام قد ركَّز في الغالب على الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن أو أولئك الذين لديهم عوامل خطر الإصابة بأمراض. لكن إذا كنت تكبر في السن بوزنٍ صحي وجسدٍ خالٍ من الأمراض وتتبع نظاماً غذائياً صحياً وتمارس الرياضة بانتظام، فقد لا يُوفِّر لك الصيام الدوري بالضرورة فائدةً إضافية في ما يتعلَّق بإطالة عمرك.

وفي هذا الصدد، قال ماتسون: «إذا أنت تقوم بالفعل بكلِّ شيءٍ بشكلٍ صحيح، عندئذٍ لا أوصي بضرورة الانتقال إلى نظام الصيام المُتقطِّع».

لكن الصيام غير مناسب للكل
الصيام هو أيضاً نمطٌ غذائي غير مناسب للنساء الحوامل وذوي الحالات الطبية مثل مرضى السكري أو الذين يعانون من اضطرابات الأكل.

ووفقاً لسمانثا هيلر، أخصائية مسجلة في مجال الحميات الغذائية والتغذية السريرية بمركز Langone Health الطبي في نيويورك، لا تزال لجنة المُحكِّمين تدرس مدى صحة هذا النهج واستدامته وواقعيته.

تقول هيلر إنَّه على الرغم من أنَّ بعض الناس قد يشعرون بحالةٍ من التحسُّن نتيجة للصيام، فإن تناول وجبات منخفضة السعرات الحرارية للغاية، أو دون سعرات حرارية، في الأيام البديلة يتسبَّب في شعور بالذنب لدى كثيرين وقد يفاقم من علاقة صعبة ومعقدة بالفعل بين الشخص وطعامه.

يقول الخبراء إنَّك إذا كنت تفكر في اتباع حمية غذائية سريعة، فمن الضروري الحصول على موافقةٍ من الطبيب وأن تُراقَب طبياً. وأوضحت أنجيلا ليموند، أخصائية التغذية المُسجَّلة بالأكاديمية الأميركية للتغذية وعلم الغذاء، أنَّه من الحكمة أيضاً أن تلتقي بانتظام مع اختصاصي تغذية مُسجَّل يمكنه مراقبة أنماط الأكل الخاصة بك لأنه من السهل الإفراط فيها في أيام عدم الصيام، لاسيما عندما لا تكون في محيط مضبوط مثل الذي كان فيه المشاركين في الدراسة. وقالت ليموند إنَّ «فوائد الصيام تتعارض إذا كنت ستعوض السعرات الحرارية في اليوم التالي».

اختيار نوع الصيام مهم
هناك عاملٌ آخر ينبغي أن يؤخذ بعين الاعتبار ألا وهو معرفة ما نوع النمط الذي سيكون ملائماً لأسلوب حياتك. ينخرط ماتسون في نظام التغذية المُقيَّدة بزمنٍ مُحدَّد، وهي ممارسة اعتمدها منذ أكثر من 30 عاماً، إذ يستهلك جميع الـ2000 سعر حراري التي يحتاجها جسده في الفترة ما بين الثالثة عصراً والثامنة مساءً.

يسمح له نظامه الغذائي، الذي يشتمل على الكثير من الفواكه والخضراوات والمكسرات والبقوليات والشوفان، إلى جانب السمك والدجاج الذي تطبخه زوجته، بالوصول إلى العمل في مختبره بحلول الساعة السابعة صباحاً، ويتيح له وقت للركض قليلاً في وقت مبكر من فترة الظهيرة (ملاحظة: هو يزعم أنَّه بمجرد أن تتكيف على تخطي وجبة الإفطار، فإن إيقاعاتك البيولوجية اليومية تتأقلم بشكلٍ مناسب ولا تعاني من آثارٍ جانبية سلبية، بما في ذلك زيادة خطر زيادة الوزن مجدداً).

وأخيراً، من المهم أن تتذكَّر أنَّه على الرغم من أنَّ صحتك قد تتحسَّن بالصيام، هناك عوامل أخرى يمكنها أيضاً تحديد الفترة التي ستعيشها في نهاية المطاف، من بينها العوامل الوراثية والبيئة.

ينبغي أن تتذكَّر أيضاً أنَّ مسألة كونك تتمتَّع بصحةٍ جيدة لا ترتبط دائماً بالعيش حياة أطول. قال ديكابو: «نحن نحاول دائماً الربط بين البقاء والصحة ولكن هناك انفصالٌ واضح بينهما. وقد رأينا ذلك في كثير من الحالات». وأضاف أنَّ «بيانات بحوث الطب الوقائي المستندة إلى دراستنا تفيد بأنَّ الإجابة هي نعم -يمكنك الاستفادة من الصيام من حيث الصحة وفترة الحياة- لكننا لا نعرف ماذا ستكون النتيجة بالنسبة للبشر».

وردد ماتسون نفس وجهة النظر قائلاً: «هناك العديد من العوامل غير المعروفة، بما في ذلك تجارب الحياة وكيف تؤثر على صحتك». وأضاف: «أعتقد أنني قمت بزيادة فرصي في العيش لفترة أطول، لكن لا يوجد ضمان»


















Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More