الصوم وحفظ الجوارح
للصوم فوائد روحية ونفسية كثيرة منها أنه سبب لزرع تقوى الله في القلوب وكف الجوارح عن المحرمات، قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} [البقرة 183] .
والصوم مدرسة نتعلم فيها الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة، وقوة الإرادة وجهاد النفس والامتناع عن أهم رغبات الجسد وحاجاته الضرورية، ونتدرب على السلوك الحسن الذي يبعث على التقوى والإخلاص امتثالا لأمر الله وتقربا إليه، وفي الصوم يتعلم المسلم تهذيب النفس وحفظ الجوارح وتزكية الأخلاق، وتحلية القلب بالشفقة والرحمة، حيث يشعر الصائم في آخر النهار بألم الجوع ولهيب العطش، فيذكره ذلك بمعاناة الفقراء والمحرومين، ويدعوه للشفقة بهم ورحمتهم، وفي الصوم يكبح المرء جماح النفس عن أن تسترسل في الشهوات والملذات، حيث إن الصوم يقلل الشهوة ويضعفها، ويكسر حدتها، فينبغي للعبد أن يبالغ في حفظ جوارحه وحواسه حتى لا يقع في الشر والفساد والإثم والمنكر، ففي هذا الشهر \'ينادي مناد من قبل الحق تبارك وتعالى فيقول: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر\'.
فلابد في الصوم من كف اللسان عن الكذب والغيبة والنميمة والفحش والهذيان، وكف السمع عن الإصغاء إلى كل مكروه، وكف البصر عن النظر، إلى كل ما نهى الله عنه، وكف بقية الجوارح عن ارتكاب المحرمات، وهذه غاية الصوم \'لعلكم تتقون\' فالصائم يراقب الله في جميع أعماله، فتتمثل عظمة الله في قلبه، فيحجم عن فعل القبيح، وترتدع نفسه عن إتيان الشهوات، وأهون الصوم ترك الطعام والشراب ,فالصيام يحفظ على المسلم جوارحه ومن حفظ الجوارح :
1- كف اللسان عن الأذى :
اللسان من نعم الله العظيمة ولطائف صنعه الغريبة؛ فإنه صغير جِرْمُه، عظيم طاعته وجُرْمُه! إذ لا يستبين الكفر والإيمان إلا بشهادة اللسان، وهما غاية الطاعة والعصيان , فمَن أطلق عَذَبَةَ اللسان وأهمله مَرخِيّ العَنان سلك به الشيطان في كل ميدان، وساقه إلى شفا جُرُف هار؛ إلى أنْ يضطره إلى البوار.
قال تعالى : (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد) [ق: 18] ,وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس النار؟ فقال: \"الفم و الفرج\" [قال الترمذي: حديث حسن صحيح] .
وسأل معاذ النبي صلى الله عليه وسلم عن العمل الذي يدخله الجنة ويباعده من النار فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم برأسه وعموده وذروة سنامه، ثم قال: \"ألا أخبرك بِمِلاكِ ذلك كلِّه؟\" قال: بلى يا رسول الله! فأخذ بلسان نفسه ثم قال: \"كُفَّ عليكَ هذا\". فقال: وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: \"ثَكِلَتْكَ أمُّكَ يا معاذ؛ وهل يَكُبُّ الناسَ على وجوهِهِم –أو على مَناخِرِهِم– إلا حصائدُ ألسنتِهم\". [قال الترمذي: حديث حسن صحيح].
وفي مسند الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري قال: إذا أصبح ابنُ آدمَ فإنَّ أعضاءَه تُكَفِّرُ اللسانَ؛ تقول: اتقِ اللهَ فينا؛ فإنكَ إنِ استقمتَ استقمنا، وإنِ اعوججتَ اعوججنا.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: \"لا يستقيمُ إيمانُ عبدٍ حتى يستقيمَ قلبُهُ، ولا يستقيمُ قلبُهُ حتى يستقيمَ لسانُـهُ، ولا يدخلُ الجنـةَ حتى يأمنَ جارُهُ بَوائقَهُ\". [رواه أحمد، وابن أبي الدنيا في \"الصمت\"، وحسنه الألباني]
يقول ابن القيم: يقول الشيطان لأبنائه: قوموا على ثغر اللسان؛ فإنه الثغر الأعظم، وهو قبالة الملك؛ فأجروا عليه من الكلام ما يضره ولا ينفعه، وامنعوه أن يجري عليه شيء مما ينفعه من ذكر الله تعالى، واستغفاره، وتلاوة كتابه، ونصيحة عباده، والتكلم بالعلم النافع، ويكون لكم في هذا الثغر أمران عظيمان، لا تبالوا بأيهما ظفرتم:
أحدهما: التكلم بالباطل؛ فإن المتكلم بالباطل أخ من إخوانكم ومن أكبر جندكم وأعوانكم.
والثاني: السكوت عن الحق؛ فإن الساكت عن الحق أخ لك أخرس ، كما أن الأول أخ ناطق، وربما كان الأخ الثاني أنفع أخويكم لكم، أما سمعتم قول الناصح: \"المتكلم بالباطل شيطان ناطق، والساكت عن الحق شيطان أخرس\"؟! وفى اللسان آفتان عظيمتان؛ إنْ خلص العبد من إحداهما لم يخلص من الأخرى: آفة الكلام، وآفة السكوت. وقد يكون كل منهما أعظم إثما مِن الأخرى في وقتها؛ فالساكت عن الحق شيطان أخرس، عاصٍ لله، مراءٍ مداهن؛ إذا لم يخف علي نفسه.. والمتكلم بالباطل شيطان ناطق، عاصٍ لله.. وأكثر الخلق منحرف في كلامه وسكوته؛ فهم بين هذين النوعين. وأهل الوسط -وهم أهل الصراط المستقيم- كفوا ألسنتهم عن الباطل، وأطلقوها فيما يعود عليهم نفعه في الآخرة؛ فلا ترى أحدهم يتكلم بكلمة تذهب عليه، ضائعة بلا منفعة؛ فضلا أنْ تضره في آخرته.. وإن العبد ليأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال؛ فيجد لسانه قد هدمها عليه كلها، ويأتي بسيئات أمثال الجبال؛ فيجد لسانه قد هدمها مِن كثرة ذكر الله عز وجل، وما اتصل به.] [الجواب الكافي (ملخصًا)].
ولما كانت آفات اللسان كثيرة، ولها في القلب حلاوة، ولها بواعث من الطبع؛ فلا نجاة من خطرها إلا بالصمت، سأل عقبة بن عامر رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما النجاة؟ قال: \"أمسِكْ عليكَ لسانَكَ، وليَسَعْكَ بيتُكَ، وابكِ على خطيئتِكَ\" [رواه الترمذي وابن أبي الدنيا والبيهقي، وقال الألباني: صحيح لغيره]
قال الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير أنه قال: ما صلح منطق رجل إلا عُرف ذلك في سائر عمله.
قال سفيان الثوري: أول العبادة الصمت، ثم طلب العلم، ثم العمل به، ثم حفظه، ثم نشره.
قال علي بن بكار: جعل الله تعالى لكل شيء بابين، وجعل للسان أربعة أبواب: فالشفتان مصراعان، والأسنان مصراعان.
قال وهب بن منبه: في حكمة آل داود: حق على العاقل أن يكون عارفًا بزمانه، حافظًا للسانه، مُقبلاً على شأنه.
قال شقيق البلخي: قيل لابن المبارك: إذا أنت صليت لم لا تجلس معنا، قال: أجلس مع الصحابة والتابعين وأنظر في كتبهم وآثارهم فما أصنع معكم؟ أنتم تغتابون الناس.
ويروى عنه رحمه الله أنه قال:
اغتنم ركعتين زلفى إلى الله * * * إذا كنت فارغا مستريحا
وإذا ما هممت بالنطق بالباطل * * * فاجعل مكانه تسبيحا
فاغتنام السكوت أفضل من خوض* * * وإن كنت بالكلام فصيحا
عن مالك بن دينار عن الأحنف بن قيس قال: قال عمر بن الخطاب: يا أحنف! مَن كثر كلامه كثر سَقطه، ومَن كثر سقطه قَلَّ حياؤه، ومَن قلّ حياؤه قل ورعه، ومَن قلّ ورعه مات قلبه.
قال عطاء: فضول الكلام ما عدا تلاوة القرآن، والقول بالسنة عند الحاجة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وأن تنطق في أمر لا بدَّ لك منه في معيشتك، أما يستحيي أحدكم أن لو نشرت عليه صحيفته التي أملاها صدر نهاره أن يرى أكثر ما فيها ليس من أمر دينه ولا دنياه؟! ثم تلا: (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ . كِرَامًا كَاتِبِينَ) [الانفطار:10-11] و(عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ . مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد) [ق:17-18]
قال أبو الدرداء: أنصف أذنيك من فيك؛ فإنما جُعل لك أذنان وفم واحد؛ لتسمع أكثر مما تتكلم.
قال الشاعر:
احفظ لسانك أيها الإنسان * * * لا يلدغنك إنه ثعبان
كم في المقابر من قتيل لسانه * * * كانت تهاب لقائه الشجعان
وقال ثالث :
الصمت زين والسكوت سلامة * * * فإذا نطقت فلا تكن مكثارا
فإذا ندمت على سكوتك مرة * * * فلتندمن على الكلام مرارا
قال ابن مسعود: والله الذي لا إله غيره؛ ما شيء أحق بطول سجْن من لسان.
ذكر الإمام مالك في \"الموطأ\" عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه دخل على أبي بكر الصديق رضي الله عنه وهو يجبذ لسانه، فقال له عمر: مه! غفر الله لك! فقال أبو بكر: إن هذا أوردني الموارد!! .
قيل لبكر بن عبد الله المزني: إنك تطيل الصمت! فقال:إن لساني سبعٌ، إن تركته أكلني.
2- غض البصر عن المحرمات :
جعل الله سبحانه العين مرآة القلب، فإذا غَضَّ العبد بصره غض القلب شهوته وإرادته، وإذا أطلق بصره أطلق القلب شهوته.. ويتبين الأمر بضرب مثل مطابق للحال، وهو أنك إذا ركبتَ فرسًا جديدًا فمالت بك إلى درب ضيق لا يُنفِذ، ولا يمكنها تستدير فيه للخروج، فإذا هَمَّتْ بالدخول فيه فاكبحها لئلا تدخل، فإذا دخلت خطوة أو خطوتين فَصِحْ بها، ورُدَّها إلى وراء عاجلاً قبل أنْ يتمكن دخولها؛ فإنْ رددتَها إلى ورائها سَهُل الأمر، وإنْ توانيتَ حتى وَلَجَتْ، وسُقْتَها داخلاً، ثم قمتَ تجذبها بِذَنَبِها عَسُرَ عليـك، أو تَعَذَّرَ خُروجُها..! فهل يقـول عاقـل: إنَّ طريق تخليصها سوقها إلى داخل؟! .
فكذلك النظرة إذا أثَّرَتْ في القلب.. فإنْ عَجَّـل الحازمُ، وحَسَمَ المادةَ مِن أوَّلِها سَهُل علاجه، وإنْ كرَّرَ النظر، ونَقَّبَ عن محاسن الصورة، ونقلها إلى قلب فارغ فنقشها فيه؛ تمكنت المحبة.. وكلما تواصلت النظرات كانت كالماء يسقي الشجرة؛ فلا تزال شجرة الحب تنمو حتى يفسد القلب، ويُعرِض عن الفكر فيما أُمِرَ به؛ فيخرج بصاحبه إلى المحن، ويوجب ارتكاب المحظورات والفتن، ويُلقِي القلب في التلف.. والسبب في هذا أنّ الناظر التذَّتْ عينُه بأول نظرة؛ فطلبت المعاودة، كأكل الطعام اللذيذ إذا تناول منه لقمة.. ولو أنه غَضَّ أولاً لاستراح قلبه وسلم.
وتأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم : \"النظرةُ سهمٌ مسمومٌ مِن سهامِ إبليسَ\" فإنَّ السهم شأنه أن يسري في القلب؛ فيعمل فيه عمل السم الذي يُسقاه المسموم، فإنْ بادر استفرغه؛ وإلا قتله ولا بد..! .
والنظرة تفعل في القلب ما يفعل السهم في الرمية، فإنْ لم تقتله جرحته، وهي بمنزلة الشرارة من النار تُرمَى في الحشيش اليابس؛ فإنْ لم تحرقه كله أحرقت بعضه، كما قيل:
كلُّ الحوادثِ مَبدأُها مِنَ النظرِ* * * ومُعظَمُ النارِ مِن مُستصغَرِ الشَّرَرِ
كم نظـرةٍ فَتَكَتْ في قلبِ صاحبِـهـا* * * فَتْكَ السهامِ بلا قَـوْسٍ ولا وَتَـرِ
والمرءُ مـا دامَ ذا عَيْـنٍ يُقَـلِّبُها * * * في أعْيُنِ الغِـيدِ مَوقوفٌ على الخَطَرِ
يَـسُرُّ مُقْلَتَهُ ما ضَـرَّ مُهْجَـتَهُ* * * لا مَرحبًا بسرورٍ عادَ بالضَّررِ
عن معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : \"ثلاثةٌ لا ترى أعينُهم النارَ: عينٌ حَرَسَت في سبيلِ اللهِ، وعينٌ بَكَت مِن خشيةِ اللهِ، وعينٌ كَفَّت عن مَحارمِ اللهِ\". [رواه الطبراني ورواته ثقات، وقال الألباني: حسن لغيره]
وفي غض البصر عدة منافع؛ منها:
- أنه يورث القلب أنسًا بالله؛ فإن إطلاق البصر يفرق القلب، ويشتته، ويبعده من الله، ويورث الوحشة بين العبد وربه.
يقول أطباء القلوب: بين العين والقلب منفذ وطريق، فإذا خربت العين وفسدت خرب القلب وفسد، وصار محلاً للقاذورات؛ فلا يصلح لسكن معرفة الله ومحبته، والإنابة إليه، والأنس والسرور بقربه، وإنما يسكن فيه أضداد ذلك.
- أنه يُلبِس القلب نورًا، كما أن إطلاقه يُلبسه ظُلمة، ولهذا ذكر الله سبحانه وتعالى آية النور عقيب الأمر بغض البصر، قال تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) [النور: 30]، ثم قال تعالى: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاح) [النور: 35] أي مثل نوره في قلب عبده المؤمن؛ الذي امتثل أوامره واجتنب نواهيه.
- أنه يورث فراسة صادقة يميز بها بين الحق والباطل، و الصادق والكاذب. كان \"شجاع الكرماني\" يقول: مَن عمَّر ظاهره باتباع السنه، وباطنه بدوام المراقبة، وغض بصره عن المحارم، وكف نفسه عن الشبهات، واغتذى بالحلال؛ لم تخطئ لـه فراسة. وكان شجاع هذا لا تخطئ له فراسة.
ومَن ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه، فإذا غض العبد بصره عن محارم الله عوضه الله بأن يطلق نور بصيرته عوضًا عن حبس بصـره لله، ويفتح عليه باب العلم والإيمان والمعرفة والفراسة الصادقة.
- أنه يفرغ القلب للتفكر في مصالحه والاشتغال بها. وإطلاق البصر ينسيه ذلك، ويحول بينه وبينه؛ فينفرط عليه أمره، ويقع في اتباع هواه، وفي الغفلة عن ذكر ربه.
سئل أحد المعاصرين لـ\"عتبة الغلام : أتعرف أحدًا يمشي في الطريق مشتغلاً بنفسه؟ قال: ما أعرف إلا رجلاً؛ الساعة يدخل عليكم. فلما دخل عتبة؛ وطريقه على السوق، قال: يا عتبة! مَن تَلَقَّـاك في الطريق؟ قال: ما قابلتُ أحدًا..!.
وكان الربيع بن خثيم من شدة غضه لبصره وإطراقه؛ يظن بعض الناس أنه أعمى! .
وكان يختلف إلى منزل ابن مسعود رضي الله عنه عشرين سنة، فإذا رأته جاريته قالت لابن مسعود: صديقك الأعمى قد جاء! فكان ابن مسعود رضي الله عنه يضحك من قولها. وكان ابن مسعود رضي الله عنه إذا نظر إليه يقول: وبشِّر المخبتين.. أما والله لو رآك محمد صلى الله عليه وسلم لفرح بك.
3- تنزيه السمع عن اللغو :
قال تعالى: (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) [الإسراء:36] .
إنْ كانت حواس الإنسان كثيرة فإن أهمها: السمع والبصر، وقد وردت في القرآن بهذا الترتيب، السمع أولاً، ثم البصر لأن السمع يسبق البصر، فالإنسان بمجرد أنْ يُولَد تعمل عنده حاسة السمع، أما البصر فإنه يتخلف عن السمع لعدة أيام من الولادة، إذن: فهو أسبق في أداء مهمته، هذه واحدة.
الأخرى: أن السمع هو الحاسَّة الوحيدة التي تُؤدي مهمتها حتى حال النوم، وفي هذا حكمة بالغة للخالق سبحانه، فبالسمع يتم الاستدعاء من النوم.
وقد أعطانا الخالق سبحانه صورة واضحة لهذه المسألة في قصة أهل الكهف، فلما أراد سبحانه أن يناموا هذه السنين الطوال ضرب على آذانهم وعطل حاسة السمع لديهم، وإلا لَمَا تمكَّنوا من النوم الطويل، ولأزعجتهم الأصوات من خارج الكهف. فقال تعالى: (فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً) [الكهف:11].
ولم يسبق البصر السمع إلا في آية واحدة في كتاب الله تعالى وهي: (رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا.. ) [السجدة:12]، والحديث هنا ليس عن الدنيا، بل عن الآخرة، حيث يفزع الناس من هَوْلها فيقولون: (رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحا) [السجدة:12] لأنهم في الآخرة أبصروا قبل أن يسمعوا.
فالسمع أول الحواس، وهو أهمها في إدراك المعلومات، حتى الذي يأخذ معلوماته بالقراءة سمع قبل أن يقرأ، فتعلَّم أولاً بالسماع ألف باء، فالسمع أولاً في التعلُّم، ثم يأتي دَوْر البصر.
والذي يتتبع الآيات التي ورد فيها السمع والبصر سيجدها جاءت بإفراد السمع وجمع البصر، مثل قوله سبحانه: (وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ) [السجدة:9]، إلا في هذه الآية التي نحن بصدد الحديث عنها جاءت: (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـائِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) [الإسراء:36].
وحفظ الأذن يتحقق بتنزيه السمع عن الغيبة والنميمة، والفُحش، وقول الزور، واللهو، والغناء المحرم، ومزامير الشيطان، وكل ما هو باطل.
وكتب عمر بن عبدالعزيز إلى مؤدب ولده: ليكن أول ما يعتقدون من أدبك بغض الملاهي التي بدؤها من الشيطان، وعاقبتها سخط الرحمن؛ فإنه بلغني عن الثقات من أهل العلم: أن صوت المعازف واستماع الأغاني واللهج بها يُنبت النفاق في القلب كما يَنبت العشب على الماء.] [إغاثة اللهفان] .
وليحذر الذين يأخذون بالرُّخَص في جُلِّ شئونهم؛ قال سليمان التيمي /: لو أخذت برخصة كل عالم، أو زلة كل عالم، اجتمع فيك الشر كله.
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : ما منكم مِن أحد إلا سيخلو الله عز وجل به كما يخلو أحدكم بالقمر ليلة البدر، ثم يقول: يا ابن آدم! ما غَرَّك بي؟ يا ابن آدم! ما عملتَ فيما علمتَ؟ يا ابن آدم! ماذا أجبتَ المرسلين؟ يا ابن آدم! ألم أكن رقيبًا على عينك؛ وأنت تنظر بها إلى ما لا يحل لك؟ ألم أكن رقيبًا على أذنيك؟ وهكذا حتى عَدَّ سائر أعضائه.
4-كف اليدين والرجلين عن الحرام :
الصائم كما يكف لسانه وعينه وأذنه وقلبه عن الحرام فإنه كذلك يكف يده ورجله عن الحرام , فلا تمتد يده بأذى الناس ولا بأكل أموالهم بالباطل , ولا يمشي بقدميه إلى ما يغضب الله , قالت عائشة رضي الله عنها : ما ضَرَبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده ولا امرأة ولا خادما إلا أن يجاهد في سبيل الله ، وما نِيلَ منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله ، فينتقم لله عز وجل . رواه مسلم .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ:هَلْ تَدْرُونَ مَنِ الْمُفْلِسُ ؟ قَالُوا : الْمُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ ، قَالَ : إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَيَامٍ وَصَلاَةٍ وَزَكَاةٍ ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ عِرْضَ هَذَا ، وَقَذَفَ هَذَا ، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا ، فَيُقْعَدُ فَيَقْتَصُّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ مِنَ الْخَطَايَا ، أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ.
- وفي رواية : تَدْرُونَ مَنِ الْمُفْلِسُ ؟ قَالُوا : الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ ، قَالَ : إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ ، وَيَأْتِى قَدْ شَتَمَ هَذَا ، وَقَذَفَ هَذَا ، وأَكَلَ مَالَ هَذَا ، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا ، وَضَرَبَ هَذَا ، فَيُقْضَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ ، أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ. خرجه أحمد 2/303(8016) و\"مسلم\" 6671 و\"التِّرمِذي\" 2418 .
أصابت عُروة الأكِلةُ في رجله، وهو بالشام عند الوليد بن عبد الملك فقُطعت رجله والوليد حاضر فلم يتحرَّك، ولم يشعر الوليد أنها تُقطع حتى كُويَتْ، فوجدوا رائحة الكيِّ، وبقي بعد ذلك ثماني سنين. ولما قُطعت رجله ووُضعت بين يديه قال: الحمد لله الذي أخذ مني واحدة، وأبقى لي ثلاثا، يعني رجله الأخرى ويديه. ولم يدع وِردَةُ تلك الليلة. وقال أيضا:
مَعْن بن أَوْس المُزَنِيّ
لَعَمْرُكَ ما أَهْوَيْتُ كَفِّي لرِيبَةٍ ... ولا حَمَلَتْنِي نَحْوَ فاحِشَةٍ رِجْلي
وأَعْلَمُ أَنِّي لم تُصِبْنِي مُصِيبَةٌ ... مِن الدَّهْرِ إلاّ قد أَصابَتْ فَتىً قَبْلِي
ولا قادَنِي سَمْعِي ولا بَصَرِي لَها ... ولا دَلَّنِي رَأْيٌ عَلَيْها ولا عَقْلِي
ولا مُؤْثِراً نَفْسِي على ذِي قَرابَةٍ ... وأُثِرُ ضَيْفِي، ما أَقامَ، على أَهْلِي
دخل واحد من السلف أحد المزارع و كان جائعا متعبا فشدته نفسه، لأن يأكل و بدأت المعدة تقرقر، فأطلق عينيه في الأشجار فرأى تفاحة، فمد يده إليها ثم أكل نصفها، ثم شرب من ماء النهر بجانب المزرعة يطلب منه أن يحلل له ما أكله من هذه التفاحة فبحث حتى وجد داره فطرق عليه الباب فلما خرج صاحب المزرعة استفسر عن ما يريد، قال صاحبنا \"دخلت بستانك الذي بجوار النهر و أخذت هذه التفاحة و أكلت نصفها ثم تذكرت انها ليست لي و أريد منك أن تعذرني في أكلها و أن تسامحني عن هذا الخطأ فقال الرجل : لا أسامحك ، و لا أسمح لك أبدا إلا بشرط واحد ، قال صاحبنا \" وهو ثابت بن النعمان\": و ما هو هذا الشرط؟ قال صاحب المزرعة: أن تتزوج ابنتي....قال ثابت:أتزوجها، قال الرجل:ولكن انتبه إن ابنتي عمياء لا تبصر ، خرساء لا تتكلم ، صماء لا تسمع ، و بدأ ثابت بن النعمان يفكر يقدر- أنعم بها من ورطة – ماذا يفعل؟ ثم علم أن الابتلاء بهذه المرأة و شأنها و تربيتها و خدمتها خير من أن يأكل الصديد في جهنم جزاء ما أكله من التفاحة و ما الأيام و ما الدنيا إلا أياما معدودات، فقبل الزواج على مضض و هو يحتسب الأجر و الثواب من الله رب العالمين. و جاء يوم الزفاف وقد غلب الهم على صاحبنا كيف أدخل على امرأة لا تتكلم ولا تبصر ولا تسمع فاضطرب حاله و تمنى لو ابتلعته الأرض قبل هذه الحادثة و لكنه توكل على الله و قال((لا حول ولا قوة إلا بالله و إنا لله و إن إليه راجعون)) ودخل عليها يوم الزفاف فإذا بهذه المرأة تقوم إليه وتقول السلام عليكم ورحمة الله و بركاته فلما نظر إليها تذكر ما يتخيله عن الحور العين في الجنة. قال بعد صمت: ماذا؟ إنها تتكلم تسمع و تبصر فأخبرها بما قاله أبوها عنها قالت: ((صدق أبي و لم يكذب)). قال:اصدقني الخبر قالت: أبي قال عني: إنني خرساء؛ لأني لم أتكلم بكلمة حرام، ولا تكلمت مع رجل لا يحل لي، و إني صماء؛ لأني ماجلست في مجلس فيه غيبة و نميمة ولغو,و إني عمياء؛ لأني لم أنظر إلى رجل لا يحل لي. فانظر و اعتبر بحال هذا الرجل التقى و هذه المرأة التقية وكيف جمع الله بينهما.
5- تصفية القلب من الذنوب:
ويجب علينا جميعًا أن نعلم أن أهم هذه الأعضاء التي يجب أن نبدأ بها ونصلحها هو القلب، كما قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسلم-: (ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب هذا الارتباط العجيب بين القلب وبين الأعضاء قال فيه أبو هريرة رضي الله عنه، وجاء -أيضًا- عن غيره من السلف أنه قال: القلب ملك والأعضاء جنوده.
فقال شَيْخُ الإِسْلامِ ابن تيمية رحمه الله: «إن قول رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما في الحديث المتقدم أبلغ وأبين من قول أبي هريرة -رضي الله عنه- ومن قال هذه العبارة، لأن الارتباط بين الأعضاء والقلب ارتباط عضوي لا يمكن أن يختلف ولا يمكن أن ينفصل، أما الارتباط في الصلاح والفساد بين الملك وجنوده، فهذا قد يقع فيه الاختلاف، فربما صلح الملك وفسد الجنود، وربما فسد الملك وصلح الجنود، وربما فسد الملك وصلح بعض الجنود وفسد بعضهم.
وقد جاء في دعاء إمام الموحدين خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام ﴿وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ﴿87﴾ يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ﴿88﴾ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ [الشعراء:87-89 فسلامة القلب هي دليل ومعيار النجاة من عذاب الله تبارك وتعالى، ومن الخزي يوم القيامة وشدته، وعبوسه، وكرباته، كل هذا يكون بسلامة القلب، وسلامة القلب تكون بأمرين لا يجوز أن نغفل عنهما، بل يجب أن نعلمهما:
أما الأول: سلامته من الشبهة، وأعظم ما ينبغي في ذلك أن يسلم القلب من الشرك بالله تبارك وتعالى، وألا يكون في قلب العبد المؤمن شيئًا من الشرك لغير الله -عز وجل- سواء كان ذلك بالتقرب، أو بالتأله في الدعاء، أو التوكل، أو الخشوع، أو الخوف، أو الرجاء، وفي أصول هذه الأعمال التي هي أساس أعمال القلب، فليحذر العبد أن يكون مشركًا مع الله -تبارك وتعالى- بشيء من هذه الأعمال والتعبدات.
وعن دور الصوم في إصلاح النفوس يقول الإمام ابن القيم :للصوم تأثير عجيب في حفظ الجوارح الظاهرة ، والقوى الباطنة وحميتها من التخليط الجالب لها المواد الفاسدة التي إذا استولت عليها أفسدتها واستفراغ المواد الرديئة المانعة لها من صحتها ، فالصوم يحفظ على القلب والجوارح صحتها ، ويعيد إليها ما استلبته منها أيدي الشهوات فهو من أكبر العون على التقوى كما قال تعالى : \" يا أيها الذي آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون \"[ البقرة 185].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :\" الصوم جنة . وأمر من اشتدت عليه شهوة النكاح ولا قدرة له عليه بالصيام ، وجعله وجاء هذه الشهوة . والمقصود : أن مصالح الصوم لما كانت مشهودة بالعقول السليمة والفطر المستقيمة ، شرعه الله لعباده رحمة بهم وإحسانا إليهم وحمية لهم وجنة .( زاد المعاد من هدى خير العباد 2/30 .
قال عبدالله بن المبارك:
رأيتُ الذنــوبَ تُميـتُ القلوبَ * * * وقـد يُــورِثُ الذُّلَّ إدمانُـهــا
وتَركُ الذنوبِ حياةُ القـلـوبِ * * * وخيرٌ لنفسِــكَ عِصيانُـهـا
ويقول الصابي في الذي يصوم عن الطعام فقط ويدعو إلى التخلي عن العيوب والآثام:
يا ذا الذي صام عن الطعام* * * ليتك صمت عن الظلم
هل ينفع الصوم امرؤ طالما * * * أحشاؤه ملأى من الاثم?
ويؤكد أحمد شوقي ذات المعنى فيقول:
يا مديم الصوم في الشهر الكريم * * * صم عن الغيبة يوما والنميم
ويقول أيضا :
وصلِّ صلاة من يرجو ويخشى * * * وقبل الصوم صم عن كل فحشا
- فمن صام عن الطعام والشراب فصومه عادة.
- ومن صام عن الربا والحرام وأفطر على الحلال من الطعام فصومه عدة وعبادة.
- ومن صام عن الذنوب والعصيان وأفطر على طاعة الرحمن فإنه صائم رضا.
- ومن صام عن القبائح وأفطر على التوبة لعلام الغيوب فهو صائم تقى.
- ومن صام عن الغيبة والبهتان وأفطر على تلاوة القرآن فهو صائم وصي.
- ومن صام عن المنكر والأغيار وأفطر على الفكرة والاعتذار فهو صائم سعيد.
- ومن صام عن الرياء والانتقاص وأفطر على التواضع والإخلاص فهو صائم سالم.
- ومن صام عن خلاف النفس والهوى وأفطر على الشكر والرضا فهو صائم غانم.
- ومن صام عن قبيح أفعاله وأفطر تكثير آماله فهو صائم مشاهد.
- ومن صام عن طول أمله وأفطر على تقريب أجله فهو صائم زاهد.
قال ابن القيم: الصوم لجام المتقين وجنة المحاربين ورياضة الأبرار المقربين لرب العالمين.
ولله در القائل :
إذا لـم يكنْ فـي السمـعِ مِنّي تَصَوُّنٌ *** وفي بصـري غَضٌ ، وفي منطقي صَمْتُ
فحَظّي إذًا مِن صومِي الجوعُ والظمأ *** وإن قُلتُ: إني صُمْتُ يومًا فما صُمْتُ
فلابد في الصوم من كف اللسان عن الكذب والغيبة والنميمة والفحش والهذيان، وكف السمع عن الإصغاء إلى كل مكروه، وكف البصر عن النظر، إلى كل ما نهى الله عنه، وكف بقية الجوارح عن ارتكاب المحرمات، وهذه غاية الصوم \'لعلكم تتقون\' فالصائم يراقب الله في جميع أعماله، فتتمثل عظمة الله في قلبه، فيحجم عن فعل القبيح، وترتدع نفسه عن إتيان الشهوات، وأهون الصوم ترك الطعام والشراب، والله عندما فرض علينا الصوم لم يرد منا حرمان النفس وتجويعها، وإنما أراد أن تظهر علينا ملكة التقوى والمراقبة والخشية له جل شأنه، لتحجز الصائم عن فعل القبيح والمنكر.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:الصِّيَامُ جُنَّةٌ ، فَإِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِمًا ، فَلاَ يَرْفُثْ ، وَلاَ يَجْهَلْ ، فَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ ، فَلْيَقُلْ : إِنِّي صَائِمٌ ، إِنِّي صَائِمٌ.
ـ وفي رواية : إِذَا أَصْبَحَ أَحَدُكُمْ يَوْمًا صَائِمًا ، فَلاَ يَرْفُثْ ، وَلاَ يَجْهَلْ ، فَإِنِ امْرُؤٌ شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ ، فَلْيَقُلْ : إِنِّي صَائِمٌ. أخرجه مالك \"الموطأ\" 206 . و\"أحمد\" 2/245(7336) و\"البُخاري\" 1894 و\"مسلم\" 3/157 .
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ ، وَالْجَهْلَ ، فَلَيْسَ للهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ.
ـ وفي رواية : مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ ، فَلَيْسَ للهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ.
أخرجه أحمد 2/452(9838) و\"أبو داود\" 2362 و\"ابن ماجة\" 1689 و\"التِّرمِذي\" 707 و\"النَّسائي\" في \"الكبرى\" 3233 .
عَنْ عُبَيْدٍ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ؛أَنَّ امْرَأَتَيْنِ صَامَتَا ، وَإِنَّ رَجُلاً قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ , إِنَّ هَاهُنَا امْرَأَتَيْنِ قَدْ صَامَتَا , وَإِنَّهُمَا قَدْ كَادَتَا أَنْ تَمُوتَا مِنَ الْعَطَشِ ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ ، أَوْ سَكَتَ ، ثُمَّ عَادَ ، وَأُرَاهُ قَالَ : بِالْهَاجِرَةِ ، قَالَ : يَا نَبِيَّ اللهِ ، إِنَّهُمَا وَاللهِ قَدْ مَاتَتَا ، أَوْ كَادَتَا أَنْ تَمُوتَا ، قَالَ : ادْعُهُمَا ، قَالَ : فَجَاءَتَا ، قَالَ : فَجِيءَ بِقَدَحٍ ، أَوْ عُسٍّ ، فَقَالَ لإِحْدَاهُمَا : قِيئِي , فَقَاءَتْ قَيْحًا ، أَوْ دَمًا , وَصَدِيدًا , وَلَحْمًا ، حَتَّى قَاءَتْ نِصْفَ الْقَدَحِ ، ثُمَّ قَالَ لِلأُخْرَى : قِيئِي , فَقَاءَتْ مِنْ قَيْحٍ ، وَدَمٍ ، وَصَدِيدٍ ، وَلَحْمٍ عَبِيطٍ ، وَغَيْرِهِ ، حَتَّى مَلأَتِ الْقَدَحَ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ هَاتَيْنِ صَامَتَا عَمَّا أَحَلَّ اللَّهُ ، وَأَفْطَرَتَا عَلَى مَا حَرَّمَ اللَّهُ ، عَزَّ وَجَلَّ ، عَلَيْهِمَا , جَلَسَتْ إِحْدَاهُمَا إِلَى الأُخْرَى ، فَجَعَلَتَا يَأْكُلاَنِ لُحُومَ النَّاسِ. - أخرجه أحمد 5/43 1(24053).
فعلى الصائم أن يحفظ جوارحه عن كل ما حرم الله تعالى , فيحفظ لسانه عن جميع المعايب ؛ من سب وشتم وقذف وغيبة ونميمة ولغو , ويصون عينيه عن النظر إلى ما حرم الله , وأذنيه عن سماع اللغو والباطل , ويده ورجليه عن الحرام , وقلبه عن الغل والحقد والحسد .
0 التعليقات:
إرسال تعليق